حقوق المرأة
جعل المجلس من "فعلية الحقوق" العنوان الأبرز لاستراتيجية عمله ولمبادراته، بما فيها إحقاق المساواة والقضاء على جميع أشكال التمييز المبني على النوع الاجتماعي المباشر وغير المباشر، وذلك إسهاما منه في تمكين النساء وتحقيق المساواة الفعلية القائمة على التمتع الفعلي بجميع الحقوق كشرط أساسي لبناء مجتمع عادل يصون كرامة كافة أفراده دون أي تمييز.
وهمت انشغالات المجلس في هذا المجال ثلاث أبعاد:
-البعد التشريعي الذي يخص تقييم المنظومة القانونية الوطنية في مجال المساواة ومناهضة جميع أشكال التمييز؛
-البعد المؤسساتي الذي يهم مواكبة أجرأة المؤسسات الدستورية ذات الصلة؛
-البعد الثقافي الذي يهم العوامل الثقافية والقيمية التي يجب أن تشكل حاضنة للجهود الرامية لإعمال النصوص القانونية.
وتعتبر مراجعة مدونة الأسرة مرحلة جديدة في مسار تعزيز المساواة والمناصفة وخلق نقاش مجتمعي هادئ وناضج، وضمن اختيار طوعي وسيادي، لبناء ثقافة مجتمعية داعمة لمسار التنمية وحاضنة للمساواة. وتعد هذه المراجعة، التي أقرها جلالة الملك في خطابه في يوليوز 2022، الثانية من نوعها خلال أقل من عشرين سنة.
من جهة أخرى، يظل تأثير القوانين على واقع النساء مشروطا، بشكل كبير، بتوفر محيط يؤمن بفكرة المساواة كقيمة إنسانية إضافة إلى تمكينهن اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، بحيث أن محاربة ظاهرة التمييز ضد المرأة تفرض بذل جهود على مستوى تحليل الجوانب غير القانونية ذات الأبعاد الثقافية والاجتماعية بمكوناتها من تقاليد وممارسات نمطية ضاغطة، وتبرز ضرورة ربط العوامل السوسيو-ثقافية والتمفصلات الاجتماعية للظاهرة كهدف أفقي وعرضاني ينبغي تضمينه في مجمل جهود إعمال المساواة الفعلية.
وتماشيا مع استراتيجيته المبنية على فعلية الحقوق، أطلق المجلس سنة 2022 حملة وطنية لمناهضة العنف ضد النساء تحت شعار «ما نسكوتش على العنف»، بهدف تشجيع ضحايا العنف على التبليغ عن العنف ومناهضة الإفلات من العقاب، كما قدم، موازاة مع ذلك، دعما ماديا لفائدة جمعيات من كل جهات المملكة لإنجاز مشاريع في مجالات إذكاء الوعي والتحسيس بظاهرة العنف ضد النساء والفتيات، وتشجيع التبليغ والترافع من أجل مكافحة الإلفلات من العقاب ودعم ومواكبة النساء والفتيات ضحايا العنف.
ويولي المجلس أهمية خاصة لحق المرأة في المشاركة والمناصفة في الحقل السياسي، باعتباره من الأسس الدستورية لسياسات مناهضة التمييز بين الرجال والنساء، بحيث يؤكد المجلس على ضرورة مناهضة الصور النمطية للمرأة والقطع مع مظاهر التهميش وتفكيك الخطاب التمييزي، وتشجيع ولوج المرأة للولايات الانتخابية، وتحقيق توازن تمثيلية الجنسين في الهيئات المنتخبة والمراكز القيادية ومواقع صنع القرار، إضافة إلى تمكين نصف المجتمع من فرص المساهمة في التنمية، وإبراز الأدوار الريادية للمرأة في الإعلام.