يولي المجلس الوطني لحقوق الإنسان أهمية بالغة لمحور تتبع وتقييم السياسات العمومية في إطار استراتيجية عمله، لما لها من دور أساسي في حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، ومعالجة القضايا الهامة وذات الأولوية داخل المجتمع. وفي هذا الإطار، يعمل المجلس، بشكل دوري وتلقائي وكلما طلب منه ذلك، على تقديم المساعدة والمشورة لمجلسي النواب والمستشارين في مجال تقييم السياسات العمومية المتعلقة بحقوق الإنسان.
وفي ظل التحديات القائمة، يعتبر المجلس أن تتبع وتقييم فعلية حقوق الانسان في السياسات العمومية بشكل منتظم ضرورة ملحة لضمان تحقيق الأهداف وقياس أدائها بمؤشرات دقيقة، نتيجة غياب آليات فعالة لتتبع السياسات، مما يعيق التقييم الدقيق ويقلل من التنسيق والالتقائية بين مختلف المتدخلين.
كما يشدد المجلس على أهمية تحديث وتحسين السياسات العمومية بشكل شامل، بما في ذلك تعزيز الشفافية وتكامل المعطيات المتعلقة بتلك السياسات، ويدعو إلى توفير موارد مالية كافية للسياسات ذات الصلة بالتعليم والصحة والحماية الاجتماعية، مع ضرورة تسريع الإصلاح الجبائي لتحقيق العدالة الاجتماعية. ويؤكد على ضرورة تفعيل وتكريس دور المؤسسات الوطنية المعنية بالبيئة والماء والمناخ لمواجهة تحديات حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.
كما يعتبر المجلس أن منظمات المجتمع المدني لها دور فعال في تعزيز المشاركة المواطنة ويدعو إلى وضع إطار قانوني للتشاور العمومي لتمكين المجتمع المدني من المساهمة بشكل فعال في المسار التنموي لبلادنا.
ويرى المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن الظروف الراهنة، بما في ذلك الأزمات المتعاقبة والتحديات المتنوعة، تشكل فرصة لتحقيق تحول في النهج السائد للسياسات العمومية من خلال اعتماد "التفكير الانعكاسي" كمقاربة في تحليل وتقييم السياسات العمومية، بما يسمح بتحويل التجارب السابقة في السياسات العمومية إلى دروس وضمان فهم للمشكلات وتحديد النقاط التي تحتاج إلى إعادة تقييم، والعمل على التحول نحو سياسات عمومية تأخذ بعين الاعتبار مختلف الوضعيات وتعالج الاختلالات بشكل شامل.
جدير بالذكر أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان ينظم لقاءات تشاورية لإعداد تقاريره السنوية والموضوعاتية ومذكراته وآراءه الاستشارية وفق مقاربة تشاركية تستند إلى حقوق الإنسان في تقييم السياسات العمومية، بهدف تحقيق الالتقائية وتكامل الأفكار لتشكيل رؤية شاملة حول دور المجلس وأهميته في تعزيز فعالية وعدالة السياسات العمومية.