نشر في

" ... يتعرض الأشخاص بشكل أكبر لخطر التعذيب وسُوء المعاملة، في العديد من دول العالم، خلال الساعات الأولى التي تلي الحرمان من الحرية، أي حين يقوم المحققون بالبحث والتحري في وقائع وأدلة جريمة ما، ويسعون كذلك إلى الحصول على تعاونهم في آن واحد. لهذا، في خضم الساعات الأولى، لا يكون هؤلاء الأشخاص أكثر عرضة للتعذيب فحسب، بل يكون التعذيب أصعب وأكثر تدميرا لنفسيتهم وسلامتهم الجسدية."

جاء ذلك في مداخلة عن بعد قدمها السيد خوان إ. منديز، أستاذ مقيم للقانون الدولي لحقوق الإنسان بكلية واشنطن للحقوق التابعة للجامعة الأمريكية والمقرر الخاص السابق للأمم المتحدة المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، خلال تقديم عرضه حول "مبادئ منديز" في إطار الندوة الدولية المنظمة من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمديرية العامة للأمن الوطني حول المعايير والممارسات المتعلقة بالوقاية من التعذيب، يومه الثلاثاء 20 شتنبر 2022 بالقنيطرة.

وأبرز السيد خوان منديز أنه نهل خلال مساهمته في إعداد وثيقة "مبادئ المقابلة الفعالة في سياق التحقيقات وجمع المعلومات" من التجربة المغربية ومن تعاونه مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مجال منع التعذيب خلال زيارته للمغرب، مبرزا أن المعطيات والمعلومات التي قُدمت له ساهمت في إغناء التقصي والترافع وشكلت دفعة بالنسبة للتوصيات التي قدمها حول الموضوع، منوها بالتقدّم المحرز في مسار منع التعذيب بالمغرب.

وتعتمد الوثيقة التي أعدها السيد مينديز، رفقة حوالي 100 خبير يشتغلون في تخصصات متنوعة، ينتمون إلى مختلف المجالات القانونية والمناطق الجغرافية، والتي تم إصدارها في يونيو 2021 بدعم أممي واسع، ستة مبادئ أساسية، أولها عدم نجاعة التعذيب خلال التحقيقات لكونه يؤدي إلى إجهاض العدالة وطمس مجموعة من التفاصيل والمعلومات ذات أهمية لتحقيق فعال.

Image

وخلال تفصيله لباقي المبادئ، أوضح السيد منديز أن هذه الوثيقة تعتمد على منهجية تقوم على الغاية من المقابلة في سياق التحقيق الجنائي والمتمثلة في الوصول إلى الحقيقة، وليس الحصول على الاعتراف دون اعتماد أي شكل من أشكال الإكراه وذلك عبر إعداد شامل للتخطيط لما قبل المقابلة وضمان الحماية خلالها، وأن تكون الشرطة والأمن مسؤولين عن تحقيق حماية الحقوق الدستورية وغيرها من الحقوق الفردية مع الحرص على إعداد بيئة غير قسرية واستخدام تقنيات الاستماع القانونية والمثبتة علميا والتي من المرجح أن تحقق نتائج جيدة، إلخ.

ويتعلق المبدأ الثالث بأوجه الضعف أو الهشاشة، حيث أبرز السيد مينديز أن هذه المنهجية يجب تطبيقها على كافة الفئات حسب الحالة وليس فقط الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جرائم، بما في ذلك النساء، خاصة منهن الحوامل والمرضعات، والأطفال والأشخاص في وضعية إعاقة وكذا ضحايا الجريمة والشهود، والأشخاص المعنيين بوجه عام.

أما المبادئ الثلاثة الأخيرة فتتعلق بالتنفيذ، حيث يحث المبدأ الرابع على التدريب والحاجة إلى التدريب المستمر وإعادة التدريب، للاستفادة من الدروس وتطبيقها؛ ويتعلق المبدأ الخامس بالمساءلة، حيث تتحمل السلطات مسؤولية الحرص على عدم الانحراف أو الفشل في تفعيل جميع الضمانات لحماية الأفراد من المخالفات الرسمية، وفي حالة حدوث أي انتهاك، يتم التحقيق فيه على النحو الواجب، وإذا لزم الأمر تتم المتابعة القضائية واللجوء إلى العقاب؛ فيما يتعلق المبدأ الأخير بالتنفيذ ومراقبته من قبل السلطة المدنية والتي تعتبر السلطة الديمقراطية المسؤولة عن قوات الأمن. 

وفي سياق حديثه عن سبل القضاء على التعذيب خلال التحقيقات، شدد السيد منديز على ضرورة إدانته في الثّقافة الشعبية لكونها تحول دون منعه والقضاء عليه، مبرزا أن التعذيب ليس فقط وسيلة غير ناجعة للتحقيق، بل هو مغالطة ترسخها الثقافة الشعبية.

تحميل النص الكامل لمداخلة السيد خوان منديز

تحميل "مبادئ المقابلة الفعالة في سياق التحقيقات وجمع المعلومات"

اقرأ المزيد