"ترسيخ الهوية الوطنية متعددة المكونات والروافد: إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية" موضوع ندوة فكرية برواق المجلس بالمعرض الدولي للنشر والكتاب
احتضن رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يوم الجمعة 10 ماي 2024، ضمن فعاليات الدورة 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، ندوة فكرية حول موضوع "ترسيخ الهوية الوطنية متعددة المكونات والروافد: إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية".
ويعكس التنوع الثقافي واللغوي الهوية الوطنية الغنية للمجتمع المغربي، الذي تتعايش فيه مكونات وروافد ثقافية ولغوية عديدة، ويساهمان في تعزيز الانتماء والتلاحم الاجتماعي ويعكسان التاريخ العريق والتطور المستمر للمملكة.
وخلال هذا اللقاء، التي شارك فيه أحمد عصيد، باحث ومدافع عن حقوق الإنسان، الحسين بويعقوبي، أستاذ الأنثربولوجيا بجامعة إبن زهر وعضو اللجنة الجهوية سوس-ماسة ومصطفى قادري، أستاذ التاريخ بجامعة محمد الخامس، تمت مقاربة موضوع إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية، تجسيدا للعناية التي يوليها المغرب للغة الأمازيغية كمكون أساسي للهوية المغربية، لكونه يشكل استجابة فعلية لتطلعات المجتمع المغربي نحو تعزيز اللغة والثقافة الأمازيغية وإدماجهما في الإدارات العمومية وفي مختلف مجالات الحياة العامة، فضلا عن كونه مبادرة لصيانة التنوع الثقافي واللغوي وتعزيزا للمكتسبات ذات الصلة.
أبرز السيد أحمد عصيد أن إقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة رسمية له رمزية قوية على المستوى الوطني والقاري والدولي بدء بخطاب أجدير سنة 2001، وإدراج الأمازيغية في التعليم سنة 2003، والإعلام سنة 2006 وإحداث القناة الأمازيغية سنة 2010 ودستور 2011، الذي أثمر القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية سنة 2019، ثم المخطط المندمج لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، ورصد ميزانية لفائدة الأمازيغية، مضيفا “هكذا بدأ مسار المأسسة.. أي إدراج الأمازيغية لغة وثقافة وهوية في المؤسسات وفي الترسانة القانونية وفي كل قطاعات الدولة" وهو تتويج لمسار مأسسة الأمازيغية لغة وهوية وإشارة سياسية قوية للمساهمة في إعمال طابعها الرسمي في مختلف مجالات الحياة.
وفي معرض حديثه عن السياق القاري لإقرار رأس السنة الأمازيغية، أبرز السيد عصيد أن البعد القاري مرتبط بعلاقة المغرب بالعمق الإفريقي، مبرزا أن "العلاقة تكمن في أننا أفارقة بالأرض، نضع أقدامنا على قارة تسمى إفريقيا، ورأس السنة الأمازيغية احتفالية بالأرض وبالانتماء إلى التراب؛ هي سنة فلاحية تحتفي بالزراعة، وتمثل الارتباط بين الإنسان والتراب عبر النشاط الفلاحي".
من جانبه، أوضح الحسين بويعقوبي أن تاريخ التقويم الأمازيغي له بعد تاريخي عريق، مبسطا علاقته بالتقويمين الهجري والفلاحي، مبرزا رمزية الاحتفال برأس السنة الأمازيغية ودوره في تعزيز مكانة اللغة والهوية والثقافة الأمازيغية. مضيفا في ذات السياق أن "ممارسة الاحتفال بما نسميه اليوم رأس السنة الأمازيغية هو احتفال مشترك لدى الجميع بمنطقة شمال إفريقيا والصحراء الكبرى وأنه يحمل تسميات عدة: ينّاير، حاكوزة، تابورت نوسكاس، السنة الفلاحية، إلخ"، وأوضح وجود تشابه كبير في الاحتفال بين مختلف المناطق، مشيرا أنه يتميز برمزيتين أساسيتين : الخوف من المستقبل ومن السنة الجديدة، وبالتالي يتمّ ترجي الخير وهطول الأمطار من أجل سنة فلاحية غنية، وكذلك يعطي فرصة لنشر قيم إنسانية نبيلة".
مصطفى قادري بدوره أبرز أهمية الاحتفال برأس السنة الأمازيغية ودوره في تغيير رؤية المغاربة للغة والثقافة الأمازيغية وتاريخها. مبرزا أن "إقرار السنة الأمازيغية هو تصالح مع الذات، غير أنه "مازال هناك مجهودات يجب بذلها، لاسيما على مستوى اشكاليتين أساسيتين، الأولى مرتبطة بالمنظومة والثانية متعلقة بالذّهنيات التي مازالت تتبنى تاريخا محرفا"، مشيرا أن التّثاقف الذي حدث يثبت أن الثقافة الأمازيغية متجدرة في الهوية الوطنية للبلاد.
رابط الفيديو