نشر في

أكدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيدة آمنة بوعياش، أن تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب شكلت دعامة أساسية لإصلاحات شاملة، مبرزة أنه عندما "أعلن جلالة الملك عن إجراء إصلاح دستوري شامل سنة 2011، جعل توصيات العدالة الانتقالية واحدة من الركائز الأساسية لهذا الإصلاح، فضلا عن التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان".

وأضافت السيدة بوعياش، في كلمتها الافتتاحية للقاء حول "العدالة والإصلاح والذاكرة في مسارات العدالة الانتقالية"، نظمه المجلس بشراكة مع المركز الإفريقي للدراسات المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان وبدعم من البعثة الدائمة للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة بجنيف، صباح يومه الأربعاء 25 شتنبر 2024 بقصر الأمم بجنيف، أن حقوق الإنسان أضحت بفضل هذه الإصلاحات "في صلب الحكامة المغربية، وأصبح الميثـاق الوطني لحقـوق الإنسـان المضمن في الوثيقة الدستورية بمثابة بوصلة يجب أن توجه مختلف الفاعلين، حكوميين وغير حكوميين، ضمن إطار وطني يربط بين المسؤولية والمساءلة والالتزام بالنص الأسمى".

واعتبرت رئيسة المجلس أن المقاربة الشاملة والتشاركية التي نهجها المغرب في مساره في مجال العدالة الانتقالية، والتي تجسدت في الإشراك الفعلي والفعال للمجتمع المدني والفاعلين المعنيين الرئيسيين، أصبحت نموذجا لإصلاحات أوسع، حيث تم اعتماد المقاربة ذاتها في مراجعة الدستور وفي ورش الجهوية وإصلاح مدونة الأسرة، في مناسبتين، والإصلاح الانتخابي لضمان انتخابات حرة ونزيهة، من خلال الملاحظة المستقلة التي تقوم بها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية، فضلا عن خلق مجال أكثر تكافؤا للمعارضة ودسترة أدوارها وحقوقها وتعزيز التمثيلية السياسية للجميع.

 

وفي معرض حديثها دائما عن تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب، أبرزت رئيسة المجلس أنه "قبل عشرين سنة من الآن، قرر المغرب إطلاق تجربة فريدة وغير مسبوقة في سياقه الإقليمي، وواحدة من التجارب الرائدة على المستوى القاري الدولي، ليكون بذلك واحداً من الدول القليلة التي اتخذت قرارا طوعيا للنظر في الماضي والتحقيق في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والإقرار بما خلفته من معاناة وجبر الأضرار وتعويض الضحايا وحفظ الذاكرة وتحقيق العدالة والالتزام بالإصلاح"، مشيرة إلى أن هذا الإصلاح لم يسعَ إلى تدارك الماضي والتحري بشأنه فحسب، بل أيضا لضمان مستقبل يحمي حقوق الإنسان ويضمن العدالة للجميع... "إصلاح من بين أبرز ركائزه التقائية إرادة الدولــة والمجتمـع لصون الكرامة والحرية"، تقول السيدة بوعياش.

وأضافت في نفس السياق، أن حفظ الذاكرة الجماعية يعتبر ورشا جوهريا وأساسيا في مختلف مسارات العدالة الانتقالية. "فهي لا تعيد الاعتبار للضحايا فحسب، بل تساهم في تعزيز قدرة المجتمع على الصمود"، وشددت على أن المغرب قطع أشواطا كبيرة في هذا الصدد، من أجل حفظ ذاكرة الماضي، "خاصة من خلال تهيئة أو إعادة تهيئة فضاءات الذاكرة المزمع افتتاحها أو إعادة افتتاحها في المستقبل القريب… علاوة على غنى وتنوع الإصدارات والكتب التي تتناول الماضي وتحفظ ذاكرته، ومن بينها روايات ومحكيات وقصص وشهادات للضحايا أنفسهم، طبعت ووزعت بالمغرب، فضلا عن أرشيف العدالة الانتقالية، الذي قمنا بتجميعه ورقمنته… وفيها جميعا إقرار رمزي وصريح بما جرى وما خلفه ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان… إقرار يقف صامدا، مع كل هذا، في وجه النسيان".

وتميز اللقاء، الذي نظم بالتزامن مع الدورة 57 لمجلس حقوق الإنسان، بمشاركة السيد عمر زنيبر، رئيس مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، والسيدة هانا فوستر، رئيسة المركز الإفريقي للديمقراطية وحقوق الإنسان. وأطرت نقاشاته السيدة نهلة حيدر، مقررة اللجنة الأممية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. كما تميز بمساهمات كل من السيد عبد الحي مودن، عضو هيئة الإنصاف والمصالحة سابقا، والسيد برنار ديهايم، المقرر الخاص المعني بالحقيقة والعدالة، والسيدة راو جوليا، خبيرة ومستشارة العدالة الانتقالية بالمفوضية السامية لحقوق الانسان.

 

تحميل كلمة السيدة الرئيسة
 

اقرأ المزيد