في إطار استكمال المجلس الوطني لحقوق الإنسان لمسار متابعة تفعيل توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ذات الصلة بحفظ الذاكرة والتاريخ، قام وفد من المجلس برئاسة السيدة آمنة بوعياش، يوم السبت 18 دجنبر 2021، بزيارة تفقدية لأشغال ترميم وتهيئة فضاء تزمامارت بإقليم ميدلت.
وشكلت الزيارة مناسبة للوقوف عند مدى تقدم أشغال هذا الورش، من حيث المرافق المحدثة به وإعادة ترميم بعضها، وتشخيص جميع المباني القائمة في الموقع بهدف إعادة تأهيلها لفائدة ساكنة دوار تزمامارت والمناطق المجاورة، مع العمل على النهوض بالعمل السوسيو-ثقافي والاقتصادي لهذا الفضاء.
وخلال هذه الزيارة، نوهت رئيسة المجلس بالتقدم الهام الذي سجله هذا المشروع، مشيدة بالانخراط الكبير لجميع المتدخلين وبالتزامهم الذي ينم عن روح المواطنة العالية، حيث انتقلت نسبة تقدم الأشغال من 25 في المائة خلال زيارتها الأخيرة للموقع في أكتوبر 2020 إلى 95 في المائة حاليا، مؤكدة "نحن على مشارف انتهاء أشغال فضاء معتقل تزمامارت ليكون مفتوحا للعموم على المستوى الوطني والدولي، يحي سيتحول إلى فضاء لإعادة الحياة وفضاء لمجتمع مغربي نجح في تدبير ذاكرته الأليمة وبناء ذاكرة جديدة منفتحة على الجميع".
وفي نفس السياق، ذكرت السيدة بوعياش خلال اجتماع لجنة تتبع تهيئة فضاء تزمامارت، بأن هذا المشروع يعتبر تجربة استثنائية وغير مسبوقة ستمكن من تحويل فضاء تزمامارت إلى فضاء للفرح والحياة بكل ديناميته الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والبيئية، ليكون أول فضاء يخرج للوجود في مسار المصالحة وحفظ الذاكرة، مشددة على أن المجلس سيعمل مع مختلف الشركاء لترصيد هذا الإنجاز الهام من خلال إشراك الساكنة المحلية، نساء وشبابا، في النهوض بالعمل السوسيو-ثقافي والاقتصادي لفضاء تزمامارت، باعتبارهم يشكلون أولوية في إنجاح هذا المشروع، كما أعلنت عزم المجلس توثيق هذه التجربة الرائدة والنموذجية وهذا المسار الاستثنائي في التقائية أداء مختلف القطاعات الوزارية والإدارات الترابية ومختلف المتدخلين في هذا المشروع، مضيفة أن هذه الوثيقة ستكون جاهزة خلال تدشين هذا الفضاء بداية سنة 2022.
ودائما في سياق التأكيد على أهمية هذه الجهة في مسار العدالة الانتقالية ببلادنا، عقدت "وحدة حفظ الذاكرة والنهوض بالتاريخ المغربي بمختلف روافده"، التي سبق الإعلان عن تأسيسها بالرباط في 25 ماي 2021، أول اجتماع لها خارج مقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حيث اعتبرت السيدة بوعياش انعقاد هذا الاجتماع بمدينة ميدلت يوم 18 دجنبر 2021، إشارة قوية سياسيا وحقوقيا بغية النهوض بالمنطقة في أفق انفتاحها مستقبلا. كما قام أعضاء الوحدة بزيارة الفضاء وتفقد مرافقه.
وتجدر الإشارة إلى أنه نظرا لأهمية ورمزية هذا الورش في مسار العدالة الانتقالية بالمغرب، أعلن المجلس، في 8 أكتوبر 2020 بالرشيدية، عن بعض عناصر استراتيجية المجلس بمناسبة إشرافها على تنصيب الأعضاء الجدد للجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة درعة- تافيلالت، وذلك تأكيدا على الرمزية التاريخية والحقوقية لهذه الجهة ونموذجية المصالحة فيها.
وكانت رئيسة المجلس قد أكدت بهذه المناسبة، أن الهدف من هذه الاستراتيجية يتجلى في "فعل حقوقي بحكم مسؤوليتنا كمدافعين عن حقوق الإنسان ومبادرين بإطلاق مسار العدالة الانتقالية منذ أكثر من 20 سنة، ومسؤوليتنا كذلك من حيث استكماله على أساس الفعل الحقوقي وليس بالاعتماد على الإيديولوجية أو فكر سياسي محدد"، مضيفة أن هدف المجلس هو أن تصبح مراكز الاعتقال غير النظامية والاختفاء القسري مراكز وفضاءات ثقافية واجتماعية ومراكز لحفظ الذاكرة، بمعنى أن تتحول من مراكز للاختفاء والاعتقال إلى مراكز للحياة حتى لا يتكرر ما جرى.