بمناسبة حلول الذكرى العشرين لإنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة في يناير 2004، واحتفاء بذكرى هذه المحطة الفارقة في تاريخ المغرب الحديث، ينظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وطيلة العام الجاري، فعاليات "عشرينية الحقيقة والإنصاف والمصالحة.. ذكرى محطة ومسار". فعاليات أعطت انطلاقتها رئيسة المجلس، السيدة آمنة بوعياش، يوم الجمعة 26 يناير 2024 بالمقر المركزي للمجلس بالرباط، بتنظيم حفل حقوقي حضرته فعاليات حقوقية وسياسية طبعت المسار الحقوقي بالمغرب، إلى جانب سفراء وممثلي الهيئات الدولية بالمغرب وبعض أفراد عائلات الضحايا وذوي الحقوق.
أولى محطات هذه الفعاليات معرض لصور وفيديوهات خاصة بهيئة الإنصاف والمصالحة ولجنة متابعة تنفيذ توصياتها، سيكون مفتوحا في وجه الزوار طيلة العام الجاري. صور تخلد لهذه المرحلة الهامة والفارقة في تاريخ البناء الديمقراطي ببلادنا.
يتضمن فضاء المعرض صورة تؤرخ لتنصيب أعضاء هيئة الإنصاف والمصالحة من طرف جلالة الملك، بمدينة أكادير يوم 7 يناير 2004. صورة عكست في حينها إرادة أعلى سلطة في البلاد، بمعية مختلف الفعاليات السياسية والحقوقية، لطي صفحة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
مباشرة بعد التنصيب، تنقلنا صور المعرض إلى اجتماعات أعضاء الهيئة بمقرها بالرباط وجلسات استقبال الضحايا والاستماع والتعريف بإنتاجاتهم الأدبية والفكرية، إلى جانب الندوات والدورات التدريبية التي نظمت حول "العدالة الانتقالية" و"كتابات الاعتقال السياسي". صور المعرض توثق بكل أمانة لهذه المرحلة التي تؤكد تصالح المغاربة مع ذاكرتهم.
أقوى لحظات هذا المسار كانت جلسات الاستماع العمومية، التي ارتأت هيئة الإنصاف والمصالحة تنظيمها بكل من الرباط وفكيك والرشيدية وخنيفرة ومراكش والحسيمة، بغرض إسماع صوت الضحايا لكل المغاربة عبر قنوات التلفزة والإذاعة الرسمية والعمل على الطي النهائي لصفحة الانتهاكات ومنع تكرارها.
هذه الجلسات، بآلامها وآمالها، كان الغرض منها التخفيف من المخلفات النفسية المترتبة عن الانتهاكات ورد الاعتبار المعنوي للضحايا.
صورة استقبال جلالة الملك بالقصر الملكي بالرباط يوم 6 يناير 2006، لعائلات الضحايا وذويهم، تؤرخ لمحطة فارقة في هذا المسار وتتويجا لمسار المصالحة الذي عملت هيئة الإنصاف والمصالحة طيلة ثلاثة وعشرين (23) شهرا من اشتغالها، على وضع لبناته.
تحكي لنا صور الجزء الثاني من المعرض عن منجزات "لجنة متابعة تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة" في مجال الكشف عن الحقيقة وحفظ الذاكرة وجبر الأضرار الفردية واستقبال الضحايا وذويهم لتسلم مقرراتهم التحكيمية بالمقر المركزي للمجلس. كما توثق لورش الإصلاحات القانونية والدستورية المهيكِلة لدينامية ترسيخ الديمقراطية وسيادة القانون بالمغرب.
وتكريما لأعضاء هيئة الإنصاف والمصالحة الذين فارقونا بعد إنهاء الهيئة لمهامها وتقديم تقريرها الختامي لجلالة الملك، تم تخصيص جزء من المعرض لعرض صورهم والتي تشمل صور الفقيد ادريس بنزكري، رئيس الهيئة، محمد البردوزي، مصطفى يزناسني، محمد مصطفى الريسوني، إبراهيم بوطالب، أحمد شوقي بنيوب وعبد العزيز بنزاكور.
" هذا المعرض، هو لمحة أكيد صغيرة جدا في مسار...؛ مسار عرف دينامية مجتمعية ويستحضر تـراكمات سابقة، ولا سيما تجربة اللجنة المستقلة للتعويض؛ مسار قائم على التقائية فريدة، بل استثنائية وغير مسبوقة في تجارب العدالة الانتقالية، بين إرادة مجتمع بمختلف فعالياته، وإرادة دولة، تسعى إلى الإنصاف والعدل بأفق استشرافي يربط دوما وباستمرارية، خلال مختلف محطاته، بين الماضي والمستقبل، وبين المصالحة وجبر الضرر وعدم التكرار وتحقيق التنمية… فهيئة الإنصاف والمصالحة لم تقتصر على حل إشكاليات الماضي فقط، بل زرعت بذور تحول مستمر طبع، بانعكاساته المشهد السياسي المغربي، ومكن من إغناء الذاكرة الجماعية وإرساء أسس تحول ديموقراطي هيكلي وعميق". تقول السيدة آمنة بوعياش في افتتاح فعاليات "عشرينية الحقيقة والإنصاف والمصالحة.. ذكرى محطة ومسار".