شارك السيد بلعيد بودريس، مستشار رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في ندوة علمية حول موضوع "الهدر المدرسي للفتاة في الوسط القروي"، نظمها نادي اليونسكو لتنمية السمعي البصري مساء الخميس 9 فبراير 2023 بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، بدعم من منظمة اليونسكو وبشراكة مع اللجنة الوطنية للتربية والعلوم والثقافة والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والمركز السينمائي المغربي والمعهد المتخصص في السينما والسمعي البصري.
وأبرز السيد بودريس في مداخلته أن الفتيات في العالم القروي يشكلن أغلبية ضحايا الهدر المدرسي في النسق التعليمي المغربي، الذي تؤكد الإحصائيات أنه يعاني من هذا النزيف بشكل مقلق، لأنه لا يتماشى مع ارتفاع حجم الميزانية المخصصة للتعليم ولأنه يصيب الحق في التعليم (وبالخصوص الأساسي) في مقتل. وأضاف أن أسباب الهدر المدرسي عند الذكور والإناث على السواء، تعود إلى ما هو اقتصادي وما هو سوسيوثقافي وما هو تربوي، فيما تنفرد التلميذات، في العالم القروي بالخصوص، بنصيب إضافي من الأسباب كزواج القاصرات والوضعية الاعتبارية للنساء من الناحية السوسيوثقافية.
وفي تقييمه للإحصائيات الرسمية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، التي تفيد أن أكثر من ثلث التلاميذ لا يتوفرون على الكفايات الأساسية اللازمة مما يجعلهم مهددين بالانقطاع عن الدراسة، خلص السيد بودريس إلى أن نسبة كبيرة من الأطفال لا يستفيدون من التمدرس رغم حضورهم الفعلي وعدم انقطاهم عن الدراسة. وهنا دعا إلى ضرورة التفكير في توسيع مفهوم الهدر المدرسي ليشمل، ليس فقط التكرار والانقطاع عن الدراسة، بل أيضا ضحايا التعليم غير القادر على غرس التعلمات، عبر مضامين غير متناسبة مع متطلبات سوق الشغل، والمؤسس على طرق تقليدية غير ناجعة في استيفاء تعليم جيد يدخل في صميم الحق في التعليم.
أما مداخلات باقي المشاركين فتناولت بدورها غياب العدالة المجالية في مجال التعليم وأكدت على الفوارق الشاسعة بين التعليم في المجالين الحضري والقروي وكذا الفوارق بين تمدرس الذكور والإناث، حيث أن 30% فقط من فتيات العالم القروي يتمكن من ولوج مستوى الإعدادي فيما تبقى باقي الفتيات المحرومات من التعليم ضحية ظاهرة تزويج القاصرات والعمل في ظروف مزرية.
وتجدر الإشارة إلى أن الهدر المدرسي يعد من بين التحديات الكبرى التي تواجه المنظومة التربوية الوطنية، حيث يغادر فصولَ الدراسية كل سنة أكثر من 300 ألف تلميذة وتلميذ، تمثل منهم الإناث 42 في المئة، حسب إحصائيات وزارة التربية الوطنية.