أكدت السيدة آمنة بوعياش، يومه الإثنين 12 دجنبر 2022، أن تزويج القاصرات يعتبر ظاهرة مركّبة وأن القوانين وحدها لا تكفي للحد منها، وذلك في لقاء تم تنظيمه بمناسبة حملة 16 يوما للقضاء على العنف القائم على النوع الاجتماعي، قدم خلاله المجلس الوطني لحقوق الإنسان وصندوق الأمم المتحدة للسكان بالمغرب دراسة حول "المبررات القضائية المعتمدة لتزويج الطفلات".
وأوضحت السيدة بوعياش أن هذه الدراسة، التي سيتم العمل على تحيينها وجعلها دراسة ديناميكية، كما هو الشأن بالنسبة لمفهوم المصلحة الفضلى للطفل، "أثارت إشكاليات نبهتنا إلى الانتقال من دراسة الوقع (Conséquence) إلى دراسة الأثر (Impact) وبشكل خاص الأثر عبر الأجيال (Impact intergénérationnel) فيما يخص تداعيات هذه الظاهرة على الطفلات والولوج إلى الحقوق الأساسية، وأهمية إطلاق مبادرات مع الفاعلين المعنيين لإعمال مفهوم المصلحة الفضلى للطفل".
وفي حديثها عن القيمة المضافة لهذه الدراسة، أبرزت السيدة بوعياش أنها تقدم اعتبارات قانونية لظاهرة تزويج الطفلات على المستوى المعياري المفاهيمي من خلال معرفة تَمثُّل كل من القضـاة الذين يصـدرون الإذن بتزويـج الأطفـال وباقي المتدخلين في معالجة طلبات التزويج لمبدأ المصلحة الفضلى للطفل. مبرزة أنها تقدم أيضا اعتبارات على المستوى الترافعي عبر ملاءمة القوانين الوطنية مع الصكوك الدولية لحقوق الإنسان التي صادقت عليها المملكة المغربية، بشكل عام، ومع اتفاقية حقوق الطفل، بشكل خاص، وكذا على مستوى إذكاء الوعـي الحقوقـي عبر إعادة النظر في المعاييـر الاجتماعية الحمائية للطفولة.
وأبرزت رئيسة المجلس أن الدراسة أوضحت أن مفهوم المصلحة الفضلى للطفل يبقى مفهوما مجردا، إذا لم نتوفر على أدوات عملية لتنزيله، مبرزة أهمية بلورة فهم إجرائي مسطري موحد لهذا المفهوم، الذي تعتبره لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل مفهوما ديناميكيا يتعلق في نفس الوقت بالأطفال كمجموعة بشرية وبكل طفل، كفرد، مضيفة أنه مبدأ وحق وإجراء مسطري له علاقة عضوية مع مبدأ المشاركة، فلا مصلحة فضلى دون إشراك الأطفال في سيرورة أخذ القرار.
ولم يفت السيدة بوعياش التذكير بتوصية لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل والتي جاءت في التقرير السنوي الأخير للمجلس والمتمثلة في إعداد مدونة شاملة للطفولة تتضمن جميع القوانين التي لها علاقة بحقوق الطفل أخذا بعين الاعتبار المقتضيات الدستورية، حيث كان المجلس قد أبدى رأيه في مواد مدونة الطفل خلال الحملة التي نظمها سنة 2019.
ومن جانبه، أوضح السيد لويس مورا، الممثل المقيم لمكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان بالمغرب، أن تزويج القاصرات ليس فقط عنفا قائما على النوع الاجتماعي، بل يعتبر أيضا مشكلا كبيرا للصحة العامة، مضيفا أن هذا النوع من الزواج لا ينتهك فقط حقوق الطفلات المتزوجات، بل أيضا حقوق أطفالهن، مبرزا أن هذه الظاهرة تثير العديد من التحديات الاقتصادية والاجتماعية والتربوية...، من قبيل الفقر والهشاشة والهدر المدرسي والعنف بشتى أنواعه. موضحا أهمية إعمال المقتضيات القانونية الدولية والوطنية ذات الصلة بالمصلحة الفضلى للطفل لتلافي هذه الإشكاليات.
بعض المبررات المعتمدة من قبل القضاة لمنح الإذن بتزويج الطفلة القاصر، حسب الدراسة
منح الإذن بتزويج الطفلة القاصر خوفا عليها من "الوقوع في علاقة جنسية خارج إطار مؤسسة لزواج"؛
عدد من الطلبات المقدمة إلى المحاكم للحصول على إذن بتزويج الطفلات تعتمد على مبررات من قبيل "تزويج الطفلة مراعاة للتقاليد والأعراف،
تزويجها لبلوغها «سن الزواج» الواقعي وليس القانوني،
تزويجها بسبب عدم التمدرس أو الهدر المدرسي،
بعض طلبات تزويج الطفلات كانت لضحايا اغتصاب، أو تغرير أو علاقة جنسية خارج إطار مؤسسة الزواج، أو حمل غير مرغوب فيه؛
إلخ.
أبرز توصيات الدراسة
تثبيت الفصل 19 الذي يجعل سن الزواج محددا في 18 سنة وإلغاء الاستثناء الذي يبيح تزويج الأطفال؛
تجريـم تزويـج الأطفال بشـكل غير قانوني والوسـاطة في ذلـك باعتبارها صورة من صور المشـاركة في هذه الجريمة؛
رفع سن إلزامية التعليم إلى 18 سنة وتوفير الرعاية المواكبة للطفلات والأطفال قصد تمكينهم من فعلية الحق في التعليم؛
المراجعـة الشـاملة لمدونـة الأسـرة والقانـون الجنائـي وقانونـي المسـطرة المدنيـة والجنائيـة والتنظيـم القضائـي وباقـي القوانيـن ذات الصلـة بمـا يكفـل تحقيـق الملاءمـة مـع الاتفاقيـات الدوليـة المصـادق عليهـا؛
إلخ.