نظرا للطبيعة الاقتصادية والاجتماعية والتنموية التي هيمنت على مطالب المتظاهرين خلال احتجاجات جرادة وطرحها بحدة مسألة فعلية التمتع بهذه الحقوق من لدن الفئات الاجتماعية الأكثر عرضة لانتهاك حقوقها، قدم المجلس الوطني لحقوق الإنسان من خلال تقريره الموضوعاتي حول احتجاجات جرادة 29 استنتاجا و36 وتوصية تمت صياغتها ارتكازا على المقاربة المبنية على حقوق الإنسان، وبناء على تتبع اللجنة الجهوية بجهة الشرق ورصدها لمختلف أشكال التظاهر والاحتجاج التي عرفتها المدينة، وبناء على متابعة المجلس للاحتجاجات ومطالب الساكنة.
وتتوزع التوصيات التي قدمها المجلس، التي سنفصلها أسفله، بين توصيات عامة (15) وتوصيات خاصة (12) مقدمة إلى كل من السلطات العمومية والبرلمان وجهة الشرق، فضلا عن التوصيات (09) المتعلقة بملاحظة محاكمات المتابعين على خلفية احتجاجات جرادة.
وفي ما يلي النص الكامل لتوصيات المجلس حول احتجاجات جرادة:
التوصيات العامة
1. يدعو المجلس إلى احترام حق التظاهر السلمي وإعمال التأويل الحقوقي بغض النظر عن التصريح أو الإشعار والعمل على تطوير المبادئ التوجيهية الوطنية التي تؤطر تدخل القوات العمومية؛
2. يوصي بفتح تحقيق بخصوص الجرحى من المحتجين خلال فض احتجاجات 14 مارس ونشر نتائجه
3. يوصي كافة السلطات العمومية التنفيذية والتشريعية والمجالس المنتخبة بمواصلة التفاعل الإيجابي مع المطالب الاستعجالية ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والتنموي لساكنة مدينة جرادة وإقليمها؛
4. يوصي بتقييم التقدم المحرز وأثر "خطة العمل المستعجلة" التي أطلقتها السلطات الجهوية، في 14 فبراير 2018، استجابة لمطالب المتظاهرين في جرادة؛ وكذا المشاريع التي تم تنفيذها حتى الآن كجزء من تفاعل السلطات العمومية مع مطالب المتظاهرين؛
5. يؤكد عل توصيته لضمان حق التظاهر السلمي، وإن لم يتقيد بالشروط القانونية المنصوص عليها؛
6. يوصي بالعمل على تطوير المبادئ التوجيهية الوطنية تؤطر تدخل القوات العمومية وفقا للمبادئ الدولية في هذا الشأن
7. يشدد على الاحترام الصارم لكرامة الموقوفين على خلفية الاحتجاجات والالتزام بالقواعد ذات الصلة؛
8. يشدد المجلس على ضرورة تجريم العنف غير المشروع، بما يضمن ممارسة الحق في التعبير والتجمع والتظاهر السلمي؛
9. يؤكد على ضرورة التواصل خلال عملية فض الاحتجاجات
10. يدعو إلى تنفيذ مقتضيات الاتفاقية الجماعية التي أبرمت بين "شركة مفاحم المغرب" وعدد من النقابات الممثلة للعاملين، بما فيها تيسير ولوج عمال المناجم إلى العلاج؛
11. يشدد المجلس على ضرورة مساءلة "شركة مفاحم المغرب" من حيث احترامها لمسؤوليتها الاجتماعية اتجاه العاملين وإعمالها للمبادئ ذات الصلة بالمقاولة وحقوق الإنسان؛
12. يطالب بمواصلة الحوار مع جميع المكونات والمتدخلين لتنفيذ الالتزامات التي تم الاتفاق عليها خلال زيارة رئيس الحكومة والوزراء؛
13. يؤكد على الإسراع في إعداد وتنفيذ برامج اقتصادية واجتماعية كفيلة بتحقيق نموذج تنموي مندمج ومتوازن يرتكز على المقاربة الحقوقية، ويستجيب لمطالب وحاجيات الإقليم وساكنته، لاسيما ما يتعلق بمكافحة الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي والعمل على التقليص من التفاوت المجالي؛
14. يشدد على المقاربة القائمة على النوع الاجتماعي والمقاربة التشاركية للاستماع والتشاور مع ممثلي الساكنة المحلية وإدماجهما في إعداد مختلف مشاريع وبرامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمدينة جرادة وإقليمها؛
15. يؤكد على ضرورة تحسين حكامة تدبير شؤون المدينة باعتبارها جزء لا يتجزأ من التنمية وفتح المجال أمام شباب، نساء ورجال الإقليم من أجل النهوض بالمشاركة بالشأن العام.
ويدعو المجلس السلطات العمومية المختصة إلى:
16. مواصلة عملية إغلاق الآبار المهجورة التي يتم استغلالها بطريقة عشوائية لضمان حماية حياة وأمن وسلامة المواطنين؛
17. تحديد المناطق التي سيتم استغلالها لاستخراج الفحم لتجنب ولوج الأشخاص إلى المناطق المحفوفة بالخطر؛
18. تطهير المدينة من الحطام المعدني وأنقاض الفحم ودراسة إمكانيات إعادة تدوير مخلفات المناجم من المدينة مع خلق مساحات خضراء ومرافق ترفيهية للسكان؛
19. الإسراع في تنفيذ مشروع إنشاء المتحف المنجمي في جرادة وتأهيل وحماية موقع المنجم لجعله مشروعًا ثقافيًا مندمجا، قادرا على استرجاع نشاط المدينة، وذلك حفاظا على الذاكرة المنجمية وتطوير الأنشطة الثقافية والاقتصادية التي تندرج في إطار التنمية المستدامة؛
20. إطلاق مبادرات مدنية ومؤسساتية لتثمين "فحم جرادة" عبر توظيف تكنولوجيا استخدامه كخزان للطاقة، والذي قد يمثل أحد مكونات البديل الاقتصادي للمدينة؛
21. يدعو كافة السلطات العمومية الجهوية والإقليمية والمحلية إلى التفاعل الإيجابي مع مبادرات لجنته الجهوية وتيسير قيامها بجميع المهام المنوطة بها، طبقا للقانون، في مجالات الحماية والوقاية والنهوض بحقوق الإنسان.
كما يدعو المجلس الوطني لحقوق الإنسان البرلمان إلى:
22. مراجعة القانون رقم 22.80 بشأن حفظ المعالم والمواقع التاريخية والنقوش والأعمال الفنية والقطع الأثرية لتشمل خصوصيات التراث المنجمي؛
23. تجديد الترخيص للجنة الداخلية والجماعات الترابية والتعمير وسياسة المدينة من أجل مواصلة مهمتها الاستطلاعية التي قامت بها لمناجم جرادة وتويسيت بموجب ترخيص 29 يونيو 2015 وإعداد تقرير حول تلك المهمة.
ويطالب المجلس الوطني جهة الشرق ب:
24. تعزيز وتوسيع مشاركة المواطنين في إقليم جرادة والمجتمع المدني المحلي في إعداد ومتابعة وتنفيذ برامج التنمية المحلية بالإقليم؛
25. إعمال قواعد الحكامة بما يجعل الجهة فضاء لتعزيز الديمقراطية التشاركية واحترام حقوق الإنسان وفقا لمبادئ ومقتضيات القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات؛
26. تعزيز قدرات الممثلين المنتخبين بالجهة والإقليم من أجل إدماج مقاربة التنمية بشكل أفقي في كافة مشاريع وبرامج الجماعات الترابية الواقعة بإقليم جرادة (مقاربة حقوق الإنسان، مقاربة النوع، والمقاربة البيئية...)؛
27. تنظيم ندوة حول التأهيل الاقتصادي للمدن المنجمية: مدينة جرادة نموذجا.
التوصيات المتعلقة بملاحظة محاكمات المتابعين على خلفية احتجاجات جرادة:
28. يجدد المجلس دعوته إلى ضرورة مراجعة قانون المسطرة الجنائية والنصوص ذات الصلة بها، لملاءمتها مع الالتزامات الدولية، خاصة على مستوى:
29. تقوية دور الدفاع خلال مرحلة ما قبل المحاكمة، بحضوره أثناء مرحلة البحث لتمهيدي؛
30. ادماج الحق في الطعن في كافة القرارات المتعلقة بسلب الحرية، خاصة قرار الوضع في الحراسة النظرية؛
31. كما يجدد المجلس دعوته إلى مراجعة القانون الجنائي لملاءمته مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان خاصة فيما يتعلق بمراعاة مبدأ الشرعية والضرورة والتناسب، وفي هذا السياق يدعو المجلس إلى:
- تغيير صياغة الفصول 263 وما يليها، و300 وما يليها، و308 من القانون الجنائي في اتجاه تدقيق العناصر التكوينية لجرائم إهانة موظف عمومي والاعتداء عليه والعصيان ومقاومة أشغال أمرت بها السلطات العامة، احتراما لمبدأ الشرعية الجنائية وما يستوجبه من وضوح للنص الجنائي وتفسيره الضيق .
- إضافة مقتضى جديد يتعلق بالعنف في الفضاء العمومي والتحريض عليه في سياق التظاهر.
- تعميم ورش رقمنة المحاكم خاصة على مستوى رقن الأحكام القضائية بما يضمن تحديث آليات الاشتغال وتحقيق النجاعة القضائية.
32. السماح لملاحظي المحاكمات المنتدبين من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان بحضور الجلسات السرية ، بما فيها جلسات التحقيق الإعدادي وجلسات قضايا الأحداث والجلسات التي تقرر المحكمة جعلها سرية؛
33. إرساء استعمال وسائل التسجيل السمعية البصرية أثناء تحرير محاضر الضابطة القضائية؛
34. الدعوة إلى توحيد المساطر القانونية المنظمة للأبحاث والتحريات التي تقوم بها الشرطة القضائية ، وتحيين القانون المنظم للدرك الملكي مع مقتضيات قانون المسطرة الجنائية، لا سيما في الشق المتعلق بتوقيع الأشخاص الموضوعين رهن الحراسة النظرية في المحاضر عوض دفتر التصريحات ، وفي باقي المقتضيات الأخرى التي أصبحت متجاوزة بالنظر إلى المستجدات الدستورية و القانونية.؛
35. و يشدد المجلس على ضرورة اعمال مبدا تساوي الاثباتات (égalité des armes ) وذلك بالاستماع الى كل الشهود النفي ذات الصلة بالمتابعة
36. و يجدد المجلس دعوته إلى مراجعة المقتضيات القانونية المتعلقة بالتجمعات العمومية والتظاهر السلمي لملاءمتها مع المقتضيات الدستورية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما يكفل توسيع استعمال الفضاء المدني وضمان بيئة مواتية لعمل المدافعين عن حقوق الإنسان، وفق ما جاء بتفصيل في مذكرته بشأن الظهير المنظم للتجمعات العمومية ، ومن بينها:
استبدال العقوبات السالبة للحرية والإبقاء على الغرامات المنصوص عليها في الفصلين 09 و14 من ظهير التجمعات العمومية؛
إدراج مقتضى جديد يتيح لمسؤول القوات العمومية أو أي شخص مؤهل من لدنه بالقيام بمحاولة تفاوض-وساطة قبل القيام بأي إنذار؛
إدراج مقتضى جديد يكرس صراحة مبدأين ينبغي أن يحكما اللجوء إلى القوة وهما الضرورة والتناسب، مع تحديد الأشكال العملياتية المتعلقة باللجوء إلى القوة على قاعدة هذين المبدأين بمقتضى نصوص تنظيمية؛
التنصيص على أن كل عملية لاستعمال القوة ينبغي أن تتم تحت مراقبة وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية.