يقترح تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول "فعلية الحق في الصحة بالمغرب.. التحديات والرهانات ومداخل التعزيز" مجموعة من المداخل والاقتراحات التي تروم تعزيز فعلية الحق في الصحة بالمغرب. وفي إطار تقديمه لمدخل "بناء نظام صحي قائم على المقاربة الوقائية"، على أساس أن كل انتهاك للحق في الصحة يؤثر على قدرة الفرد على التمتع بحقوق الإنسان الأخرى، خصص التقرير حيزا مهما للأشخاص المسنين بصفتهم من الفئات الهشة التي تحتاج إلى رعاية خاصة، واعتبارا لكون الهرم السكاني بالمغرب ينحو نحو الشيخوخة.
وفي هذا السياق، أشار التقرير إلى أنه من المتوقع أن يناهز عدد الأشخاص المسنين على المستوى الوطني 6 ملايين نسمة في أفق سنة 2030، وهو ما يشكل زيادة بنسبة %42 مقارنة بسنة 2021، حيث ستمثل هذه الفئة %15,4 من مجموع السكان.
مجالات تستحق الأولوية لضمان ولوج الأشخاص المسنين لحقهم في الصحة
حدد المجلس من خلال هذا التقرير ثمانية مجالات تستحق الأولوية في التدخل لحماية حقوق هذه الفئة، تنقسم إلى عدة تدابير ملموسة، تتمثل في: تطوير المعرفة العلمية حول الشيخوخة؛ تعميم التغطية الصحية للأشخاص المسنين غير المؤمنين وتحسين الولوج إلى العلاجات والخدمات الطبية؛ توفير الشروط الضرورية من أجل شيخوخة نشطة مدعومة بصحة جيدة؛ تعزيز الرعاية المنزلية عن بعد ودعم مقدمي الرعاية؛ النهوض بطب الشيخوخة بهدف تقديم رعاية صحية جيدة لفائدة المرضى المسنين؛ تعزيز المشاركة الاجتماعية والثقافية لفائدة الأشخاص المسنين؛ وضمان احترام الحقوق الإنسانية للأشخاص المسنين.
الرعاية الملطَّفة: "حق من حقوق الإنسان وضرورة أخلاقية بالنسبة لجميع النظم الصحية"
تشير التقديرات على الصعيد العالمي إلى أن شخصا واحدا فقط يحصل على الرعاية الملطَّفة من أصل كل 10 أشخاص يحتاجون إليها، وأن الطلب العالمي على الرعاية اللازمة للأشخاص المصابين بأمراض تهدد حياتهم سيستمر في الزيادة مع تقدم السكان في السن وزيادة عبء الأمراض غير السارية. ومن المتوقع بحلول سنة 2060 أن تزداد الحاجة إلى الرعاية الملطّفة إلى الضِّعف تقريبا.
كما أبرزت جائحة كوفيد-19 الحاجة إلى الرعاية الملطّفة في جميع الأماكن والبيئات لتخفيف المعاناة في نهاية العمر، مثل المعاناة الجسدية الناجمة عن ضيق التنفس أو الألم النفسي. وقد أثارت الجائحة الانتباه إلى ضرورة حصول جميع المهنيين الصحيين على برامج للتدريب على منهجية تقديم الرعاية الملطّفة لأن الطلب على الخدمات الملطّفة يفوق قدرة الفرق المتخصصة على تقديمها لوحدها.
وللنهوض بأعباء الرعاية الملطفة وتجاوز التصنيف غير المريح لبلادنا، حسب تقرير رصد أحوال المسنين في العالم سنة 2015، والذي أعدته منظمة الأمم المتحدة والرابطة الدولية غير الحكومية لمساعدة المسنين، يدعو المجلس في تقريره إلى: الاهتمام بجودة خدمات الرعاية الملطّفة باعتبارها حقا من حقوق الإنسان وضرورة أخلاقية بالنسبة لجميع النظم الصحية؛ تعزيز مهارات الفاعلين المدنيين في مجال النهوض بحقوق المسنين؛ وتعزيز نظم تثقيف وتدريب العاملين والمهنيين في ميدان الرعاية الملطّفة؛ فضلا عن توفير أدوية الرعاية الملطّفة الأساسية؛ إلخ.
توصيات المجلس للنهوض بحقوق الأشخاص المسنين
في أفق تعزيز المنظومة المعيارية الوطنية وملاءمتها مع الالتزامات الدولية، خصوصا فيما يتعلق بأهداف التنمية المستدامة 2030، يذكر المجلس بالتوصيات التي جاءت في الاستشارة العالمية "نحو اتفاقية دولية جديدة بشأن حقوق كبار السن - فرص وأهمية مشاركة المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان" المنجزة من طرف التحالف الدولي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والأمم المتحدة بتاريخ 17 فبراير 2022، وأهمها: تنفيذ تدابير الحماية الاجتماعية للمسنين (الولوج إلى الرعاية الصحية)؛ معالجة مظاهر القصور المتعلقة بالبحث العلمي؛ رصد الفجوة الرقمية التي يواجهها كبار السن (الولوج إلى التكنولوجيات الحديثة)؛ والترافع من أجل بلورة اتفاقية دولية تعنى بحماية الأشخاص المسنين.