مكنت الاستراتيجية الوطنية للصحة الإنجابية، حسب تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول "فعلية الحق في الصحة بالمغرب.. التحديات والرهانات ومداخل التعزيز"، من توسيع الولوج إلى الخدمات الصحية، وهو ما ساهم في إحراز تقدم ملحوظ في تحسين العديد من المؤشرات الرئيسية للصحة الجنسية والإنجابية، خاصة ما يتعلق بصحة الأمهات والأطفال والنساء والشباب.
مجهودات ملموسة.. ولكن غير كافية
حسب نتائج المسح الوطني حول السكان وصحة الأسرة لسنة 2018، الذي تم من خلاله رصد أهم المؤشرات الصحية المتعلقة بصحة الأمهات والأطفال، فقد سجل معدل وفيات الأمهات، باعتباره مؤشرا رئيسيا لتقييم مستوى الولوج للحقوق الصحية والإنجابية، انخفاضا ملحوظا، حيث انتقل من 112 حالة وفاة لكل مائة ألف ولادة حية، حسب المسح الديمغرافي للمندوبية السامية لتخطيط لسنة 2010، إلى 72.6 حالة وفاة لكل مائة ألف ولادة حية سنة 2018. كما انخفض معدل وفيات الأطفال حديثي الولادة بنسبة % 38 بين عامي 2011 و2018 من 21.7 إلى 13.6 حالة وفاة لكل 1000 حالة وفاة.
كما تم تسجيل ارتفاع في انتشار موانع الحمل بين النساء المتزوجات، وارتفاع نسبة النساء الحوامل الخاضعات لمراقبة الحمل من طرف المؤسسات الصحية، حيث انتقل من %76 سنة 2011 إلى %88.6 سنة 2018، فضلا عن كون %86 من الولادات، برسم سنة 2018، قد تمت في مؤسسات صحية تحت رعاية مهنيي الصحة المؤهلين، وتم تلقيح %94.5 من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و23 شهرا.
مؤشرات ضعف الولوج إلى الصحة الإنجابية والجنسية، خاصة في فترة الجائحة
رغم التقدم الذي تم تسجيله في هذا الصدد، يسجل المجلس انشغاله بمجموعة من المؤشرات التي تبين ضعف الولوج إلى الصحة الإنجابية والجنسية، ولاسيما استمرار وفيات الأمهات خلال الحمل أو الولادة، بحيث مازالت 482 إمرأة تموت كل سنة جراء المضاعفات ذات الصلة بالحمل والولادة (ثلثا الوفيات سجلت بالوسط القروي، حيث مازال ثلث الأمهات يلدن في البيوت)، فيما مازال يعرف تفشي سرطان الثدي وعنق الرحم استمرارا بين النساء مع تسجيل تأخر التشخيص والعلاج، فضلا عن استمرار الإبلاغ عن حوالي 350.000 حالة من الأمراض المنقولة جنسيا سنويا.
ومن جانب آخر، أكد المجلس أن جائحة (كوفيد-19) أثرت سلبا على برامج الصحة الإنجابية والجنسية، خلال فترة الحجر الصحي، ذلك أنه من بين %6 من الأسر التي ضمن أفرادها نساء معنية بالصحة الإنجابية، تبين أن %34 منهن لم يحصلن على هذه الخدمات الصحية، إلخ.
اختلالات مرتبطة بالحكامة
فضلا عما سبق، سجل المجلس مجموعة من الاختلالات المرتبطة بالحكامة في تعزيز حماية الحقوق الإنجابية والجنسية، خاصة ما يتعلق بالعرض المتعلق بالعلاجات، لاسيما في الوسط القروي، وبالموارد البشرية العاملة في القطاع وعدم تكافؤ الفرص من خلال عدم تجانس هندسة المؤسسات الصحية للولوج إلى العلاجات وضعف جاذبية المؤسسات للعلاجات الصحية الأولية. كما أن فوارق الولوج إلى الخدمات الصحية (حوالي 20 في المائة من السكان يبعد عنهم أقرب مركز صحي بأكثر من 10 كيلومترات)، فيما لا يحظى موضوع الحقوق الصحية والإنجابية للشباب بعد بالاهتمام الضروري في النقاش العمومي حول الحق في الصحة.
توصيات المجلس في أفق تعزيز الصحة الجنسية والإنجابية
انطلاقا من الاختلالات التي تم رصدها، يدعو المجلس إلى المساواة في الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية بين المناطق الحضرية والقروية وتعزيز التكامل والتنسيق بين برامج الرعاية، لاسيما بين خدمات الصحة الجنسية والإنجابية وخدمات فيروس نقص المناعة البشري وخدمات العنف القائم على اختلاف النوع والاستفادة من التجارب الوطنية السابقة؛ إلى جانب تطوير البرامج المخصصة للوقاية من العقم، سرطان الرحم، وسرطان الثدي،...
كما دعا المجلس إلى التثقيف والتحسيس والتركيز في إعداد الاستراتيجيات والبرامج على الفئات الأكثر حرمانا من الصحة الجنسية والإنجابية من قبيل القاصرات والنساء القرويات والأشخاص في وضعية إعاقة والمهاجرين واللاجئين وتوفير المعلومات عن الصحة الجنسية والإنجابية وتسهيل وصولها للمراهقين بما في ذلك فيروس نقص المناعة؛ نهج سياسة شاملة ومنسقة من أجل التصدي بفعالية لممارسة تزويج الأطفال، وتعزيز فرص التمكين الاقتصادي للمرأة والفتاة عموما، وتقريب الخدمات الصحية وتعميمها، إلخ.