الإثنين 25 يناير 2021
أكدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن أسس كونية حقوق الإنسان تنبثق في أصلها من تاريخ توافق مختلف الثقافات والحضارات، تاريخ تَبلورَ من أجل الحفاظ على جوهر وصلب كل هوية، ألا وهو الإنسان؛ فإن كانت الثقافة تلتحف رداء الخصوصية فلمواضيعها وكينونتها أبعاد كونية مشتركة.
وأوضحت السيدة بوعياش، في الجلسة الافتتاحية للقاء الدولي المنظم عن بُعد حول"حفظ الذاكرة ونقلها لترسيخ مفهوم الآخر"من طرف الرابطة المحمدية للعلماء، أن ترسيخ هذه الكونية، أي كونية حقوق الإنسان، يقود إلى بحث ظاهرة تلاقح الثقافات أو التلاقح الثقافي (l’inter-culturalité)، التي يتمثل تعبيرها المشترك في حقوق الإنسان التي تواجه، كل يوم، توترات ذات أبعاد هوياتية، فضلا عن الانغلاق والتطرف العنيف والانتشار السريع لخطاب الكراهية، لا سيما في عصر منصات التواصل الجديدة.
وفي هذا السياق، تضيف، "تنجلي تجربة تومليلين التي تقدم لنا نموذجا يقتضي كثيرا من التأمل ومصدر إلهام لبلورة نموذج غير مؤسساتي للحوار بين الثقافات، في فضاء حر تكونت فيه ذاكرة جماعية، فضاء لم يثمن النقاش التعددي فحسب بل ثمن أيضا، وبالأخص، الاحتفاء المشترك بمعتقدات الجميع وأفكارهم/هن، كيفما كان اختلافها. على هذا النحو إذن كان ممكنا أن تنشأ بتومليلين، بالطريقة التلقائية والأصلية، وحتى المغربية، الأمثل، ذاكرة يمكننا وصفها بالكونية".
وخلصت رئيسة المجلس في هذا اللقاء، المنظم بشراكة مع وزارة الخارجية الأمريكية، ومؤسسة "الذاكرة من أجل المستقبل" ومؤسسة "أرشيف المغرب"، إلى "أن مفهوم الحق، بحد ذاته، ينبثق من واقع أنني لا أنا وحيدة/وحيدا في هذا العالم ولا أنا محوره. لذلك يتأسس مفهوم الآخر وفقا لإطار الحق - الواجب – المسؤولية، وليس فقط إطار امتنان أو دَين. فبعد البعد العقلاني يوجد بعد أخلاقي لواجبٍ تجاه الآخر يتحدى أي تصنيف أو تخندق هوياتي؛ فالأمر لا يتعلق فقط بالعيش المشترك، بل بالعيش على قدم المساواة، وفق ما يمكن وصفه بأخلاق الآخر، وأقصد هنا أخلاق اعتبار الآخر واحترام وجوده".
جدير بالتذكير أن تومليلين تعتبر محطة استثنائية في مجال التعارف مع "الآخر"، والانفتاح عليه، ويتعلق الأمر بمحطة "اللقاءات الدولية" التي كانت تعقد في الدير البندكتي لتومليلين بإقليم أزرو، خلال العقد الممتد من 1956 إلى 1966. وقد شكلت هذه اللقاءات فضاءات للحوار والنقاش الكونيين بين الديانات. كما اهتمت بالتكوين على المواطنة في إفريقيا، التي كانت تعيش بدايات حقبة إنهاء الاستعمار.