نشر في

في سياق النقاش المتجدد حول موقع الثقافة في السياسات العمومية، احتضن رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ضمن فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب، ندوة تحت عنوان: "السياسات العمومية في مجال الثقافة: من أجل تعاقد مجتمعي لفعلية الحق في الثقافة".

شارك في هذا اللقاء السيد أحمد عصيد، الباحث في مجال الثقافة الأمازيغية، السيد عبد الرحمان العمراني، رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة فاس-مكناس، والسيد محمد الهاشمي، مدير مديرية الدراسات والتوثيق بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان.

في مداخلته، توقف الباحث أحمد عصيد عند "المسار المتعثر" للسياسات الثقافية بالمغرب، التي ظلت لسنوات "أسيرة نظرة إدارية ضيقة"، حسب تعبير المتحدث، تعاملت مع الثقافة كقطاع، "لا كقاطرة للتنمية وبناء الوعي الجماعي". واعتبر عصيد أن "غياب رؤية استراتيجية شمولية" جعل من الفعل الثقافي مجرد "مبادرات مناسباتية تفتقر للاستمرارية"، مما أضعف، وفقا له، من قدرتها على إحداث تغيير مجتمعي حقيقي.

من جهته، أكد السيد عبد الرحمان العمراني أن الحق في الثقافة لا ينبغي أن يظل مجرد شعار، بل يجب أن يفعل ضمن السياسات العمومية من خلال توفير الفضاءات وضمان فعلية حرية التعبير والإبداع وتعميم الولوج إلى الثقافة في مختلف الجهات. ولفت السيد العمراني إلى أن الشباب يعيش "شبه قطيعة مع الفعل الثقافي"، أساسا، بسبب "ضعف البيئة الداعمة وقلة الفضاءات المحفزة".

 

 

الندوة دعت إلى التفكير في تعاقد ثقافي جديد، يجعل من الثقافة أولوية في السياسات العمومية، ويراهن على دمجها بشكل عرضاني في كل المجالات، بما في ذلك المدرسة والإعلام والمجال العمومي... كما شددت على أهمية إشراك المجتمع، خاصة الأطفال والشباب، كمنتج ومستهلك للثقافة، وذلك عبر بث روح الحرية وتوفير شروط التعبير الذاتي وتشجيع المبادرات المحلية.

في ختام اللقاء، تم التأكيد على أن الثقافة ليست ترفا، بل ضرورة مجتمعية لبناء هوية متصالحة، ومجتمع تعددي قادر على مواجهة تحديات العصر. وهي دعوة صريحة نحو أفق تنموي يجعل من الفعل الثقافي أداة للارتقاء بالإنسان، وصون كرامته.

الثقافة فضاء للتعدد والحوار، تتطلب إعادة الاعتبار للفعل الثقافي باعتباره أحد شروط بناء الديمقراطية.

اقرأ المزيد