احتضن رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يوم السبت 11 ماي 2024، ضمن فعاليات الدورة 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، ندوة فكرية حول موضوع "الحق في الماء في سياق الأزمة"، وذلك في إطار مساهمة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في النقاش العام الذي تشهده بلادنا منذ عدة سنوات حول الإجهاد المائي.
خلال كلمته الافتتاحية لهذه الندوة، أوضح السيد محمد الهاشمي، مدير الدراسات والأبحاث بالمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن المجلس كان قد قدم مذكرة تحت عنوان “الحق في الماء.. مداخل لمواجهة الإجهاد المائي بالمغرب”، والتي أعدها وفق توجهاته الاستراتيجية القائمة على فعلية حقوق الإنسان، حيث أوصى المجلس بجعل موضوع الإجهاد المائي أولوية قصوى في وضع وتنفيذ السياسات العمومية، كما قدم مجموعة من المداخل لحماية الحق في الماء ومنها، تغيير النظرة للجفاف واعتباره معطى بنيويا وليس ظرفيا، وضمان الأمن الغذائي وحماية حق الأجيال القادمة في الثروة المائية، وتحسين حكامة قطاع الماء، وعقلنة وترشيد الاستهلاك المنزلي، والحد من الاستغلال المفرط للمخزون الاستراتيجي من المياه الجوفية، إلخ.
السيد مولاي إدريس الحسناوي، مكلف بمهمة بوزارة التجهيز والماء، أبرز أن "ضمان الحق في الماء مسألة تؤخذ على محمل الجد، سواء على المستوى الدولي من خلال العديد من الاتفاقيات والآليات التي تنص عليه، أو على المستوى الوطني، حيث أشار إليه دستور المملكة لسنة 2011، وكذا القوانين الأخرى ذات الصلة"، موضحا أن أول عنصر مرتبط بالحق في الماء يكمن في "توفر المياه كمورد متجدد، وإمكانية الوصول والحصول على الموارد المائية، والقدرة على تحمل التكاليف وتغطية المصاريف المرتبة عن الاستفادة، إضافة إلى تحقيق شرط توفر الجودة والسلامة من حيث المعايير والضوابط الواجب احترامها في هذا الشأن، وأخيرا مقبولية المستهلك لهذه الموارد المائية الموضوعة رهن إشارته"، مؤكدا أن الإجهاد المائي الذي يعيشه المغرب لا يعود إلى توالي سنوات الجفاف والتغيرات المناخية فحسب بل أيضا إلى طبيعة تعامل مستعملي المياه مع هذه المادة الحيوية.
من جانبها، أكدت الســيدة حنــان حمــودا، أســتاذة الانثروبولوجيــا والسوســيولوجيا بجامعــة محمــد الخامــس بالربــاط، أن المغرب يعاني من احتباس حراري وعنف ايكولوجي وبيئي بسبب موقعه الجغرافي، يتمثل في التغير المناخي وتقلص الفرشاة المائية، وهو ما ساهم في تعميق أزمة الإجهاد المائي، "وضع يستدعي اعتماد تدابير تنموية تنسجم مع هذا السياق كالالتقائية، الحكامة، ملاءمة القوانين والعمل المدني، إلخ، ومعالجة كل الإشكالات المرتبطة بالماء في إطار مقاربة متعددة التخصصات، مع تبني برامج جديدة لضمان الأمن المائي والغذائي والعدالة المجالية". داعية إلى الانفتاح على الجامعات ومختبرات البحث من أجل المساهمة في النقاش العمومي لهذه الإشكالية.
من جهته، أوضح السيد عمر الودادي، منسق بالتحالف المغربي من أجل المناخ، أن "المملكة المغربية عملت على تحيين الترسانة القانونية المتعلقة بالماء من أجل مواجهة الإشكالات التي يعرفها هذا المورد الطبيعي، إلا أن المقاربة القانونية وحدها غير كافية، خاصة أن تنزيل هذه النصوص على أرض الواقع يصطدم بمجموعة من الإكراهات"، مبرزا أهمية مقاربة إشكالية الإجهاد المائي عبر ملاءمة القوانين وتفعيل آليات الحكامة الجيدة على المستوى الترابي، ودور المجتمع المدني في تجاوز إشكال ندرة واستنزاف الموارد المائية بالمغرب لاسيما دوره في تحسيس المواطنين بأهمية الحفاظ على الماء والترافع من أجل تعزيز القوانين ذات الصلة.