أكدت السيدة آمنة بوعياش أن بناء الرأسمال البشري باعتباره أحد رهانات العدالة الاجتماعية، ينبغي أن يتأسس بالضرورة على صيانة الكرامة الإنسانية وتجاوز منطق المقاربة المبنية على الحاجيات في معالجة القضايا التنموية. وأشارت في افتتاح المنتدى البرلماني الدولي السابع للعدالة الاجتماعية، الذي نظمه مجلس المستشارين والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يوم الثلاثاء 21 فبراير 2023، تحت شعار "الرأسمال البشري: رافعة أساسية للعدالة الاجتماعية"، أن "النهوض بالرأسمال البشري ليس فقط شرطا ضروريا لتحقيق التنمية، بل إنه ينطوي على رهانات حقوقية كبيرة، بالنظر إلى الترابط الواضح بين تمكين الإنسان، بالمعنى العملي للرأسمال البشري، وبين تعزيز فرص إدماجه واندماجه الإيجابي في المجتمع، دونما تمييز أو تهميش". واعتبرت رئيسة المجلس أن حفظ كرامة المواطنات والمواطنين تتطلب تعزيز قدراتهم والولوج لحقوقهم الأساسية بشكل عام والحقوق التمكينية بشكل خاص، وعلى رأسها الحق في الصحة والحق في التعليم، مشيرة إلى أن "حماية هذين الحقين تعتبر، في الآن نفسه، شرطا أساسيا لتعزيز وتقوية الرأسمال البشري الوطني ومعيارا لقياس مستوى تحقيق العدالة الاجتماعية". وفي معرض حديثها عن أهمية الحق في الصحة والحق في التعليم، ذكّرت السيدة بوعياش باستراتيجية المجلس التي "تتأسس على ضمان فعلية هذين الحقين لكل المغاربة والمقيمين على التراب الوطني من منطلق كونهما حقين أساسيين من حقوق الإنسان"، وأضافت أن التعليم يعتبر مصعدا اجتماعيا، يتيح لفئات عريضة من المجتمع فرص الترقي والتطور الذاتي، كما يتيح فرصة التقدم والتطور، فيما اعتبرت الحق في الصحة شرطا قبليا للاستفادة من باقي الحقوق. ودعت رئيسة المجلس إلى "النظر إلى مسألة اعتماد المقاربة القائمة على حقوق الإنسان في بناء السياسات العمومية ودعم فعلية الحقوق كضرورة يقتضيها تدبير العقد الاجتماعي الجديد بين المواطن والدولة"، لتخلص إلى أن تكريس البعد التعاقدي، بما يحيل عليه من إقرار لفعلية للحقوق والحريات، "سيساعد على معالجة التفاوتات والتهميش بمختلف مستوياتها الاجتماعية والمجالية". وفي نفس السياق، عبرت عن انشغال المجلس "باستمرار بعض مظاهر اللامساواة والتمييز ضد النساء والتي تعيق تطوير قدراتهن وتبقي العديد منهن، منذ سن مبكرة، على هامش الدينامية التنموية. مما يعني تعطيل ما يناهز 50 في المائة من الرأسمال البشري لبلادنا من جهة، وتعميق التفاوتات الاجتماعية من جهة أخرى"، مؤكدة في نفس السياق بأن النهوض بالرأسمال البشري يعد "خيارا استراتيجيا يفرض على السلطات العمومية إعادة ترتيب أولوياتها في اتجاه التركيز على بناء الإنسان وتقليص التفاوتات، وهو ما يتطلب رصد اعتمادات مالية ضخمة لأوراش اصلاح وتأهيل قطاعات الاستثمار في الرأسمال البشري وعلى رأسها التعليم والصحة والحماية الاجتماعية بمكوناتها الأربعة"، مشددة في نفس السياق على أهمية الإصلاح الضريبي من أجل تعبئة الموارد الضرورية لتقليص التفاوتات المجالية والاجتماعية، وضمان حد أدنى من المساواة في الولوج لحقوق الإنسان الأساسية... من أجل أن يكون الإصلاح الضريبي إطارا لتحقيق العدالة الاجتماعية. وتناول المشاركون في هذا المنتدى البرلماني الدولي أربعة محاور، تهم بالأساس: "تعميم الخدمات الصحية الجيدة والحماية الاجتماعية ورهانات تجويد منظومة التربية والتعليم"؛ "تثمين الموارد البشرية في الأوساط المهنية بصفتها رافعة لتعزيز الرفاه الاقتصادي والاجتماعي للجميع"؛ "التنوع الثقافي ورهانات بناء مجتمع متفتح ومتماسك". كما تميزت هذه الدورة بمشاركة واسعة لأعضاء الحكومة، والبرلمانيين، ورئيس وأعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وبعض رؤساء المجالس الجهوية لحقوق الإنسان، والأمناء العامين للأحزاب السياسية والتنظيمات المهنية والنقابية وعدد من الأساتذة والخبراء المهتمين، إلخ.
نشر في