أبرزت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيدة آمنة بوعياش، أن حقوق الإنسان الأساسية تعتبر بنية تحتية لكل فعل تنموي حقيقي ومستدام، مؤكدة على محورية اعتماد المقاربة القائمة على حقوق الإنسان في بناء السياسات العمومية ببلادنا.
ودعت السيدة بوعياش، خلال لقاء تفاعل أكاديمي مع طلبة الماستر بجامعة محمد الأول بوجدة يوم الإثنين 30 ماي 2022، حول "السياسات العمومية ورهانات فعلية حقوق الإنسان"، إلى اعتماد مقاربة تنموية دامجة لحقوق الإنسان على مستوى الاختيارات الاستراتيجية الأساسية للدولة والسياسات العمومية، مشددة في السياق ذاته على "ضرورة التعامل مع ظاهرة الفقر كشرط قبلي لتحقيق التنمية عبر تجاوز التفسير الاقتصادوي الضيق للظاهرة والتركيز على مواجهة أسبابه غير الاقتصادية والعوامل الثقافية والقيمية والبيئية والسياسية المتعلقة بأساليب تدبير الشأن العام وأنظمة الحكامة".
واعتبرت السيدة بوعياش الفقر خرقا لحق من حقوق الإنسان، ألا وهو الحق في التنمية، مضيفة أن النظر للفقر من زاوية الحق في التنمية يقتضي إعمال مقاربة قائمة على تمكين الفقراء وإحداث قطيعة مع المقاربة القائمة فقط على الدعم والمساعدة الاجتماعيين. وأشارت إلى أن "المنهجية الأكثر ملاءمة في الوقت الحاضر، لبناء تنمية دامجة لحقوق الإنسان، وحسب التجارب الدولية المقارنة، هي صياغة السياسات اعتمادا على المقاربة المبنية على حقوق الإنسان المعروفة بمبادئ (PANEL)".
وفي معرض تذكيرها باستراتيجية "فعلية الحقوق" التي اعتمدها المجلس في ولايته الحالية، سجلت رئيسة المجلس العديد من مظاهر ضعف البعد الحقوقي للسياسات التنموية، والتي تتجلى من خلال عدة مؤشرات، أبرزها: الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية للدولة، وضعف النفَس الاستراتيجي بَعيد المدى في أغلب السياسات العمومية الاجتماعية؛ تعدد الفاعلين والبرامج والسياسات وضعف الالتقائية والتكامل بين هذه المكونات وضعف ثقافة تقييم السياسات العمومية؛ إلخ.
وانطلاقا من المبادئ الأساسية الأربعة التي تتأسس عليها المقاربة القائمة على حقوق الإنسان في بناء السياسات العمومية (المشاركة والمساءلة والمساواة وعدم التمييز ثم التمكين)، استعرضت رئيسة المجلس بعض مداخل إدماج حقوق الإنسان في السياسات العمومية، والمتمثلة أساسا في: اعتماد مقاربة استباقية لحماية الحقوق والحريات؛ الانتقال من فهم الفقر كإشكال اقتصادي إلى اعتباره إشكالا حقوقيا؛ تكريس مبادئ المشاركة والمساءلة وعدم التمييز والتمكين والشرعية في وضع السياسات العمومية وتنفيذها؛ بالإضافة إلى الجانب الثقافي والقيمي والاستدامة.
وختمت رئيسة المجلس مداخلتها في هذا اللقاء بالتأكيد على أن "الوعي بالطابع المتداخل والمركب لقضايا التنمية وحقوق الإنسان، يستدعي إعمال منهج للتفكير وبرنامج عمل لكل المتدخلين في مجال التنمية وحقوق الإنسان، لمواجهة التحديات التي تعرفها وستعرفها عملية تدبير الشأن العام في مجتمع المخاطر لما بعد أزمة كوفيد-19 وعلى مستويات متعددة، وإعادة ترتيب أولويات السياسة العامة للدولة في اتجاه تصحيح التفاوتات الحادة التي ترمي بفئات واسعة خلف ركب التنمية وتعيق الولوج الفعلي للحقوق".
يذكر أنه تم تنظيم هذا اللقاء من قبل اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الشرق ومختبر الدراسات والأبحاث في حقوق الإنسان والديمقراطية وماستر الديناميات الجديدة لحقوق الإنسان وماستر السياسات العمومية والتنمية بجامعة محمد الأول بوجدة،.