"أصبح الولوج إلى الأنترنت حقا من حقوق الإنسان والولوج إلى المنصات الرقمية الاجتماعية واستعمالها من أدوات التمتع بهذه الحقوق، لدرجة أن استعمال هذه المنصات أصبح في جوهر النقاشات الحقوقية الدولية والدفع باعتبارها "خدمة عمومية" ومؤشرا لقياس مدى ضمان الحريات". هذا ما أكدته السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، صباح يومه الثلاثاء 16 مارس 2021 بالرباط.
وأشارت السيدة بوعياش، في افتتاح ندوة دولية حول موضوع "حقوق الإنسان والتحدي الرقمي"، نظمتها منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإسيسكو) ووزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، إلى أنه من خلال متابعة للفضاء الرقمي، "تتأكد استنتاجاتنا بتبلور نموذج ناشئ للحريات العامة الذي يحدد أشكال جديدة للتعابير العمومية، تُستهل بالتداول الافتراضي لتتطور لفعل عمومي يسائل السياسات العمومية أو يدعو لحماية حق من الحقوق".
ودعت بوعياش، في سياق حديثها عن التحديات التي تطرحها مسألة تكييف حرية التعبير مع الثورة التكنولوجية الرقمية وتأطيرها على منصات التواصل الاجتماعي والإنترنت، وبروز ظاهرة الأخبار الزائفة التي قد يصل مداها إلى المساس بجوهر حقوق الإنسان، ألا وهو الحق في الحياة، إلى "ضرورة تطوير الفكر النقدي لدى الشباب والأجيال الناشئة وتعميم التربية الإعلامية واكتساب قدرات تفكيك الخطابات في أشكالها الجديدة"، مؤكدة أن من بين أبرز معالم التحدي الرقمي في علاقاته بحقوق الإنسان، " تناسل خطاب التحريض على الكراهية ... خاصة في ظل الضعف المسجل على مستوى آليات الرصد الآلي لمثل هذه الخطابات وحدود وتحديات الذكاء الاصطناعي، من جهة، والنواقص في الإعمال بشكل دقيق لمبادئ المشروعية والضرورة والتناسبية كمقاربة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة وحجب مثل هذه الخطابات التي تمس في الجوهر حقوق الأقليات وحقوق النساء والفتيات وحقوق بعض الفئات الهشة في المجتمعات".
من جهته أوضح وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، السيد المصطفى الرميد، أن التدبير الناجع لممارسة الحقوق والحريات في الفضاء الرقمي "يستوجب اليوم الحرص على التكييف المستمر لطرق وأساليب هذا التدبير في إطار من التعاون بين مختلف الأطراف المعنية، وذلك من أجل تأطير الاستعمال السليم لهذه التكنولوجيا، مع الحرص على أن يبقى التمكين من التمتع بالحق هو الأصل وأن يكون التقييد هو الاستثناء".
أما الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، السيد محمد عبد النباوي، فأكد في كلمته أن ما ينطبق على حقوق الإنسان من حيث ممارستها وضمان التمتع بها خارج الفضاء الرقمي، ينطبق عليها كذلك داخل هذا الفضاء، موضحا أنه "بقدر ما تمكن هذه التكنولوجيات من تيسير الولوج إلى مختلف أنواع حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، المحمية بمقتضى معاهدات حقوق الإنسان الدولية، بقدر ما يمكن أن يتحول استعمالها إلى أداة لانتهاك العديد من الحقوق والمساس بالنظام العام".
وتهدف هذه الندوة الدولية، التي عرفت مشاركة مجموعة من الخبراء الوطنيين والدوليين، إلى توسيع إطار الشراكة حول موضوع حماية حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي، وفتح قنوات للحوار وتبادل الخبرات بين المشاركين، وكذا المساهمة في تطوير آليات الدول الأعضاء في مجال حماية حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي. كما تندرج في إطار استكمال مسار توحيد الجهود المبذولة وبناء الشراكات الكفيلة ببلورة نظم قانونية تؤطر استخدام التكنولوجيا الحديثة وتجابه التحديات التي فرضها العالم الرقمي على حقوق الأفراد.