أكدت السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن جريمة الاتجار بالبشر تعد "انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان لأنها تسلب كرامة الإنسان وقراره واختياره في الحياة" مشيرة إلى أن المجلس يوليها أهمية كبيرة، حيث خصص لها حيزا في تقريره السنوي 2020.
وأبرزت السيدة بوعياش، في إطار اللقاء الشهري 'خميس الحماية' المخصص لموضوع"الاتجار بالبشر: أي حصيلة لإعمال القانون"، أن "هذه الجريمة تطرح تحديات مرتبطة بآليات العمل على تكييفها وفق القانون، إذ تعاني منها أساسا فئة المهاجرين والنساء والأطفال...". مضيفة أن "المجلس توصل بمجموعة من الشكايات تمت معالجتها بعد تدقيقها والتحري بشأنها وتصنيفها ضمن جرائم الاتجار بالبشر".
"جريمة الاتجار بالبشر تعد من أخطر الجرائم، باعتبارها جرائم ضد الإنسانية وجرائم "العبودية المعاصرة" لكون الشخص المتّجر به تمارَس عليه السيطرة من خلال معاملته كشيء ممتلَك تنزع منه كرامته الإنسانية"، هكذا وصفت السيدة السعدية وضاح، رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الدار البيضاء- سطات، هذه الظاهرة مبرزة أن عددا من نصوص القانون المتعلق بمكافحة جريمة الاتجار بالبشر "فضفاضة"، بينما يتعين أن يكون "القانون دقيقا، عبر وضع مفهوم مسطري وإجرائي مدقق ليكون الفهم موحدا ويصبح الاجتهاد القضائي منسجما مع الإطار القانوني الذي وضعه المشرع".
ومن بين الإشكاليات المتعلقة بالاتجار بالبشر التي رصدها السيد رشيد مزيان، رئيس مصلحة المرأة والطفل لدى وزارة العدل، عدم التوفر على قاعدة بيانات وطنية حول الظاهرة مما يؤدي إلى تضارب في المعطيات بخصوصها، ناهيك عن تنوع تكييف الجريمة حسب الجهة المعنية والمتدخلة، في حين أن القضاء هو المخول قانونيا لإعطاء التكييف القانوني لجريمة الاتجار بالبشر. وعن علاقة القانون 27.14 بالهجرة والمهاجرين، أكد السيد مزيان بأن المشرع لم يفرق في ضحايا الاتجار بالبشر بين المغاربة والأجانب، كما أنه لم يفرق في الضحايا الأجانب بين المهاجرين في وضعية قانونية والمهاجرين في وضعية غير قانونية.
ووفق الإحصائيات التي قدمتها السيدة سارة بنتفريت، استنادا إلى التقرير السنوي لمكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجريمة المنظمة لسنة 2018، فقد تم تسجيل 5000 حالة تبليغ للاتجار بالبشر؛ 50 بالمائة من الضحايا، على المستوى العالمي، يتم استغلالهم لغرض جنسي، بينما تصل نسبة الضحايا المستغلين لغرض جنسي في شمال إفريقيا إلى 30 في المائة، والنسبة نفسها من الضحايا تم استغلالهم في العمل القسري.
ومن جانبها، دعت السيدة خديجة تبان، عضو اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، إلى الرفع من وتيرة التحسيس والتواصل بخصوص موضوع الاتجار بالبشر وتعزيز تدابير اليقظة والتبليغ عن الجريمة؛ العمل على توفير مراكز متخصصة لإيواء ضحايا الاتجار بالبشر والتكفل بهم؛ القيام بدراسات معمقة لإعداد خطط عمل مستقبلية لمواجهة هذه الظاهرة وإحداث آلية وطنية لإحالة الضحايا وإعادة إدماجهم في المجتمع؛ إلخ.
وتفاعلا مع أسئلة وملاحظات وتوصيات متتبعي الندوة، عقب المتدخلون على أبرز الأفكار والتي انصبت في مجملها حول تدقيق مفهوم الاتجار بالبشر وآليات تكييف جريمة الإتجار بالبشر من طرف الهيئات المختصة وفق القانون (الأمن والقضاء والمجتمع المدني...) وكذا سبل التعاون والتنسيق للحماية والوقاية من جريمة الاتجار بالبشر ومكافحتها ومسار التبليغ والتكفل بالضحايا.
جدير بالذكر أن المغرب صادق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة سنة 2002، وصادق على البروتوكول المكمل لها سنة 2009، كما أصدر القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر سنة 2016، وأنشأ اللجنة الوطنية لتنسيق الإجراءات المتعلقة بمكافحة الاتجار بالبشر في 2018 والتي يعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان عضوا فيها.