شاركت السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يومه الإثنين 19 فبراير 2024 بمجلس المستشارين، في افتتاح أشغال الدورة الثامنة للمنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية، والمنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، من طرف مجلس المستشارين بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، تحت شعار "العمل اللائق من أجل التنمية المستدامة"، بحضور أعضاء في الحكومة والبرلمان، إلى جانب ممثلين عن هيئات دستورية ووكالات ومنظمات دولية، ومشاركة ثلة من الفاعلين المؤسساتيين والسياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين والمدنيين والخبراء والجامعيين.
ويسعى مجلس المستشارين في هذه الدورة إلى طرح المقاربات البرلمانية الممكنة في مجال توفير وتعزيز العمل اللائق، كما وكيفا، باعتباره أحد المرتكزات الرئيسية لتوطيد أسس العدالة الاجتماعية وترسيخ أركان الدولة الاجتماعية، وفق التوجيهات الملكية السامية التي تعتبر خلق فرص الشغل المنتج والضامن للكرامة أسمى أشكال الحماية الاجتماعية. كما يتطلع المنتدى البرلماني الدولي إلى تسليط الضوء على واقع العمل اللائق في المملكة، والإشكالات المختلفة التي يثيرها، خاصة مدى إسهام العمل اللائق في إدراك وتحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة من جهة، والوقوف عند الآفاق الكبرى للمبادرات التنموية التي تشهدها المملكة، من جهة ثانية.
وأكدت السيدة آمنة بوعياش خلال افتتاح أشغال هذا المنتدى، أن توفير العمل اللائق يساهم في تعزيز الرأسمال البشري وتحقيق العدالة الاجتماعية كخيار استراتيجي يفرض إعادة ترتيب أولويات السلطات العمومية لتركيزها على تطوير الإنسان وتقليص التفاوتات، وهو ما يتطلب تخصيص اعتمادات مالية ضخمة لأوراش الإصلاح والاستثمار في الرأسمال البشري، ولا سيما التعليم والصحة، وتعزيز الحماية الاجتماعية بمكوناتها الأربعة.
وأضافت رئيسة المجلس أن توفير المزيد من الوظائف اللائقة يساهم في تحقيق النمو الاقتصادي الكفيل بالتخفيف من مؤشرات الفقر، لاسيما لدى الفئات الهشة، كما يضمن لهم إمكانية الحماية الاجتماعية والحماية ضد التمييز وسوء المعاملة. مشيرة إلى أن "الحماية الاجتماعية والعمل اللائق يرتبطان بشكل وثيق، بما فيها السلامة، والتأمين على البطالة، والتقاعد والرعاية الصحية، والحماية ضد المخاطر المالية، وتعزيز الظروف المناسبة للعمل اللائق وضمان توفير الحقوق الأساسية لكافة الفئات العاملة، وينعكس هذا الترابط على مؤشرات تنمية أي بلد".
"إن توفير العمل اللائق هو بناء الرأسمال البشري باعتباره أحد رهانات العدالة الاجتماعية، والذي يتأسس بالضرورة على صيانة الكرامة الإنسانية، والتي ليست مقولة فلسفية مجردة، بل تحيل على دفتر تحملات حقوقي شامل ومتكامل وغير قابل للتجزئة"، السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وأوضحت السيدة بوعياش أن سوق الشغل الوطني يتميز بهيمنة العمالة غير المهيكلة، وهي عمالة هشة وذات دخل محدود وتتميز بتفاوتات كبيرة على مستوى عدد ساعات العمل والأجور والإنتاجية وهو ما يمنع فئات عريضة من المواطنين من التمتع بحقهم في عمل لائق يحفظ كرامتهم، لاسيما النساء والشباب، فضلا عن فئات واسعة من المهاجرين الذين يعانون من هشاشة متعددة الأبعاد.
وفي معرض حديثها عن محددات التنمية، أوضحت السيدة آمنة بوعياش أن تحقيق فعلية العمل اللائق يتم عبر إدماجه كعنصر محدد للتنمية وكأحد معايير السياسة العمومية عبر توفير الضمانات القانونية والاجتماعية التي تحمي حقوق العمال وتساهم في تعزيزه، وعبر توفير الشروط الاقتصادية والاجتماعية الضرورية لمكافحة كافة أشكال التمييز المرتبطة بالنوع الاجتماعي، وتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية. مضيفة أنه "سواء تعلق الأمر بالنساء أو بالشباب، فغياب ظروف عمل لائقة أو انعدام فرص عمل لهم يعد تحديا اقتصاديا واجتماعيا، كما تؤكد التقارير الدولية في مجال حقوق الإنسان على ذلك، حيث تربط أهمية إدماج هاتين الفئتين في الدينامية الاقتصادية لدورهما في دعم الاستقرار الاجتماعي والتنمية المستدامة ".
يذكر أن أشغال هذا المنتدى ستنكب على طرح مجمل التساؤلات والإشكاليات التي يثيرها الموضوع، مع التركيز على دراسة العلاقة التفاعلية بين العمل اللائق والتنمية المستدامة في المغرب. كما يتناول المنتدى محوران رئيسيان يتعلقان بتكامل وتلازم العمل اللائق مع المعايير الدولية والوطنية، وتحديات تأهيل وإدماج الاقتصاد.