مساهمة منه في إثراء النقاش العمومي وإذكاء الوعي حول المناصفة في الحقل السياسي ودورها في فعلية المساواة، أطلق المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في الفترة الممتدة بين 9 و27 مارس 2021، لقاءات جهوية حول إعمال مبدأ المناصفة لتحقيق المساواة في المجال السياسي. وتتويجا لهذا النقاش نظم المجلس لقاء دوليا، حضوريا وعن بعد، حول موضوع "المناصفة في الحقل السياسي: ضرورة لفعلية المساواة"، يومه الاثنين 22 مارس 2021 بالرباط.
وبهذه المناسبة، أبرزت السيدة آمنة بوعياش أن إعمال مبدأ المساواة وسن القوانين على مستوى الفعل السياسي يحتاج إلى بذل المزيد من المجهودات رغم الأشواط الهامة التي قطعها. مؤكدة أنه يتعين ملاءمة القوانين مع المعايير الدولية ذات الصلة وكذا أحكام الدستور سواء منها المتعلقة بالمساواة أو المناصفة.
كما أكدت أن الحضور المحتشم للمرأة في الساحة السياسية يسائل النظام العام للانتخابات والأطرالتشريعية والقانونية وكذا البنى الثقافية والاجتماعية. وأضافت أن سن القوانين وحده غير كاف للرفع من المشاركة والتمثيلية السياسية للنساء، حيث يتعين مسائلة القيم والإرادة السياسية لكل الأطراف المعنية بالعمل السياسي بما في ذلك القيم الثقافية والاجتماعية. وأوضحت أن المناصفة في الحقل السياسي تحتاج إلى بناء ثقافة مجتمعية داعمة وحاضنة للمشاركة النسائية، حيث إن تعزيز المساواة بين الجنسين يقوي الولوج إلى الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.
ومن جانبها، أكدت السيدة لطيفة أخرباش، رئيسة الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، أن الظرفية غير المسبوقة التي فرضتها الجائحة تسائلنا عن مصير العالم ما بعد الجائحة، مبرزة أن تدبير الأزمة كشف على أن دور المرأة سيكون أكثر أهمية من ذي قبل وأن تمكين المرأة من دورها في المجتمع لا يقتصر على تعزيز تمثيليتها السياسية بل يشمل تمكينها من لعب دور الريادة والتموقع في مراكز القرار عبر فعلية المساواة وترسيخ الوعي الديمقراطي.
وأضافت أن دور الإعلام لا يقتصر فقط على عكس الواقع المجتمعي بل يلعب دورا حقيقيا في المواكبة والتأثير لإبراز دور المرأة في الفضاء العمومي وتقلد مناصب القرار. وأكدت في ختام كلمتها أن للأحزاب السياسية دور مهم في إحقاق مبدأ المناصفة من خلال تعزيز حضور وتمثيلية المرأة للأحزاب في المنابر الإعلامية. وهو ما سيمكن من النهوض بالرهانات الضرورية لبناء نموذج تنموي ومجتمع قوي.
وأكد السيد أحمد رضى الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أنه "رغم المكتسبات التي راكمها المغرب في مجال تعزيز حقوق المرأة، فإن النتائج المحققة في مجال تكريس الحق في المساواة والتزام الدولة بتنفيذ مقتضيات الدستور تظل غير كافية مقارنة بالطموحات المعلنة". مضيفا أن "مظاهر انتهاك حقوق المرأة ما زالت قائمة حيث إن التمثيل الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للمرأة لا يزال محتشما". واستشهد السيد الشامي بمعطيات وطنية، جهوية ومحلية، تبرز "درجة حضور النساء في المجال السياسي والاقتصادي والاجتماعي: 4 وزيرات في الحكومة من أصل 24، 21 بالمئة نسبة النساء بمجلس النواب، 10 بالمئة بمجلس المستشارين، 27 بالمئة بالهيآت الترابية و2 من أصل 12 رئيس جهة...".
وأشارت السيدة رويدا الحاج، الممثلة الإقليمية للمفوضية السامية لحقوق الإنسان لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، أن المساواة في الحقوق مبدأ مهم من مبادئ ميثاق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وأنه لا يمكن تحقيق التنمية الفعلية والسلام الدائم دون تحقيق هذا المبدأ.
وأوضحت المتدخلة أن قرار المؤتمر العالمي الرابع للمرأة بكين 1995 شدد على ضرورة مشاركة المرأة في مراكز صنع القرار وفي المناصب السياسية. إلا أنه رغم مصادقة أغلب الدول العربية على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة ما زالت مجموعة من العوائق تحول دون ولوجها مراكز صنع القرار والمناصب السياسية، مبرزة أن ذلك راجع لأسباب سياسية، ثقافية، اجتماعية، اقتصادية...كما استعرضت التوصيات المنبثقة عن اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة المتمثلة أساسا في تبني مقاربة النوع في تمثيل هياكل الأحزاب السياسية، فرض غرامات على الأحزاب التي لا تمتثل لهذه التشريعات، إزالة العقبات الهيكلية التي تعترض وصول المرأة إلى مراكز القرار، التصدي للعوائق الثقافية مع تعزيز القدرات القيادية للنساء، الخ.