"الصحة هي حالة من اكتمال السلامة بدنيا وعقليا واجتماعيا، وليس مجرد انعدام المرض أو العجز"
من ديباجة دستور منظمة الصحة العالمية
يخلد العالم يومه الأحد 7 أبريل 2024 اليوم العالمي للصحة (الذي يصادف 7 أبريل من كل سنة) المنظم هذه السنة تحت شعار "صحتي، حقي"، بغرض الدفاع عن حق كل شخص في أي مكان في الحصول على الخدمات الصحية والتعليم والمعلومات، فضلا عن مياه الشرب المأمونة والهواء النقي والتغذية الجيدة والسكن الجيد والعمل اللائق والظروف البيئية الملائمة، والتحرر من التمييز، إلخ.
"لا يمكن ضمان فعلية الحق في الصحة، بما يشوبه من اختلالات تهم التمتع والولوج إليه، إلا في إطار دولة مدافعة وضامنة لهذا لحق"
آمنة بوعياش - رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان
واقتناعا منه بالأهمية القصوى للحق في الصحة باعتباره حقا يؤثر في قدرة المواطنين على التمتع بحقوقهم الأخرى ويتأثر بها، في إطار مبدأ عدم قابلية حقوق الإنسان للتجزيء. إذ لا يمكن للإنسان ممارسة حقوقه المدنية والسياسية أو الاجتماعية والاقتصادية والثقافية إلا إذا كان في حالة من اكتمال السلامة الجسدية والعقلية والاجتماعية.
أطلق المجلس الوطني لحقوق الإنسان في أكتوبر 2019 سلسلة من اللقاءات والمشاورات حول فعلية الولوج للحق في الصحة، تنفيذا لاستراتيجيته كما صادقت عليها جمعيته العمومية في شتنبر 2019 والتي تقوم على مبدأ فعلية الحقوق، توجت بإصدار تقرير موضوعاتي تحت عنوان "فعلية الحق قي الصحة.. تحديات، رهانات ومداخل التعزيز" في فبراير 2022، ضمنه أكثر من 100 توصية لتعزيز فعلية الولوج للحق في الصحة، ويشدد فيه على ضرورة القطع مع التصورات التي تتعامل مع الصحة كقطاع اجتماعي غير منتج اقتصاديا.
ويبسط التقرير محددات الحق في الصحة سواء من الناحية القانونية والمؤسساتية أو من الناحية السوسيو اقتصادية، ويسعى، بذلك، إلى وضع "فعلية الحق في الصحة" في قلب مطلب التنمية العادلة والشاملة، القادرة على تصريف وتيرة النمو على مستوى إنتاج الثروة وتوزيعها لرأب فجوة التفاوت المجالي والاجتماعي. كما يقدم مرتكزات جوهرية لبناء وهندسة استراتيجية وطنية للصحة تتمحور حول دور الدولة الاجتماعية وتجاوز المقاربة القطاعية لضمان الحق في الصحة، في ضوء مبادئ حقوق الإنسان، ورفع تحدي الاستدامة وضمان الأمن الإنساني وتقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية.
وفي أفق تعزيز فعلية الولوج للحق في الصحة، يقترح المجلس خمسة مداخل رئيسية لتعزيز فعلية الولوج للحق في الصحة ويقدم من خلالها أزيد من 100 توصية تتوزع بين توصيات ذات طابع تشريعي وتوصيات مرتبطة بحكامة قطاع الصحة وتوصيات مرتبطة بتعزيز المقاربة الوقائية، إلخ.
ويقترح التقرير تعزيز حكامة قطاع الصحة من حيث تدبير البنيات الاستشفائية والموارد البشرية والمالية، وتعزيز حكامة الصناعة الدوائية الوطنية. ويدعو إلى تبني نظام صحي قائم على الرعاية الصحية الأولية، لمواجهة إشكالات وكلفة المقاربة الاستشفائية الباهظة، مع إيلاء أهمية خاصة ومتجددة للفئات الهشة خاصة الأم والطفل، الصحة الإنجابية والجنسية، الأشخاص في وضعية إعاقة، المسنون، المهاجرون واللاجئون، الصحة النفسية والعقلية، والتغطية الصحية الشاملة.
وإذا كان المغرب يتوفر على ترسانة قانونية تؤطر الحق في الولوج إلى العلاجات والخدمات الصحية، فإن المجلس يؤكد في تقريره الموضوعاتي على أن جهود مختلف الفاعلين المعنيين ينبغي أن تنصب على تحويل أهداف القوانين الجاري بها العمل، من مجرد تنظيم قطاع الصحة والولوج لخدماته، إلى تيسير التمتع الفعلي بالحق في الصحة. ويرى أن جهود تعزيز الحق في الصحة لجميع المواطنات والمواطنين ينبغي أن يتأسس على استراتيجية وطنية للصحة كجزء لا يتجزأ من السياسة العامة للدولة.