كشف المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقريره عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب برسم سنة 2022، والمعنون "إعادة ترتيب الأولويات لتعزيز فعلية الحقوق"، أن عدد المحكوم عليهم بالإعدام في المغرب بلغ إلى حدود نهاية سنة 2022 ما مجموعه 83 شخصا؛ حيث صدرت أحكام نهائية في حق 54 منهم، وأحكام ابتدائية في حق 14 شخصا في حين أن 15 شخصا هم محكومون استئنافيا. كما تجدر الإشارة إلى استفادة 213 محكوما بالإعدام من العفو الملكي منذ سنة 2000 إلى غاية نهاية 2022.
الحق في الحياة حق دستوري تُبنى عليه باقي الحقوق، وعقوبة الإعدام انتهاك جسيم لحقوق الإنسان ومصادرة للحق في الحياة
الحق في الحياة أسمى حقوق الإنسان، وهو حق دستوري يحميه القانون باعتباره الحق الذي تُبنى عليه باقي الحقوق ويواصل المجلس رصد مدى احترام هذا الحق وعدم انتهاكه بأي شكل من الأشكال أو تحت أية ذريعة كانت، وخاصة من خلال متابعة قضايا المحكوم عليهم بالإعدام، مسجلا استمرار العمل بعقوبة الإعدام من الناحية القانونية، رغم التأصيل الدستوري للحق في الحياة وعدم المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص.
وجاء في تقرير المجلس أن عقوبة الإعدام تشكل انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان، ومصادرة للحق في الحياة باعتباره حقا أصيلا ومطلقا ومحايثا لوجود كل إنسان، وهو بذلك شرط أساسي لممارسة حقوق الإنسان الأخرى. ويذكر المجلس بمضامين مذكرته المقدمة إلى البرلمان بتاريخ 28 أكتوبر 2019 بخصوص مشروع القانون رقم 10.16 القاضي بتغيير وتتميم القانون الجنائي، والتي أوصى فيها بإلغاء عقوبة الإعدام.
ترافع وطني ودولي متواصل وعمل مستمر من أجل الإلغاء
واصل المجلس الوطني لحقوق الإنسان الترافع من أجل إقناع الحكومة المغربية باللحاق بركب الدول التي ألغت العقوبة، قانونا أو ممارسة، والتي بلغ عددها أكثر من ثلثي الدول (144 دولة). ويستند المجلس في ترافعه على التأصيل الدستوري للحق في الحياة المنصوص عليه في الفصل 20 من دستور 2011، ومختلف الالتزامات الدولية لبلادنا في مجال حقوق الإنسان، بالإضافة لعدم وجود دليل ملموس على أي تأثير لعقوبة الإعدام على خفض مستويات الجريمة.
وفي إطار ترافعه الوطني لإلغاء عقوبة الإعدام، نظم المجلس ندوة صحفية بشراكة مع الجمعيات والمنظمات غير الحكومية وشبكات المحامين والصحفيين والمدرسين والبرلمانيين وشبكات المجتمع المدني المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام تم خلالها التأكيد على ضرورة تعزيز الترافع في سبيل إلغاء هذه العقوبة. كما تمت دعوة الحكومـة المغربية للتصويت لصالح قـرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعي إلى إيقاف تطبيق عقوبة الإعدام. وفي إطار دعم هذا الجهد الترافعي، احتضن مقر المجلس الإعلان عن تأسيس "شبكة المقاولات والمقاولين ضد عقوبة الإعدام". كما بادر المجلس إلى نشر شهادات لتسعة من المحكومين بالإعدام يشكلون 10% من مجموع المحكومين بهذه العقوبة وطنيا.
أما على المستوى الدولي، فقد أكدت رئيسة المجلس في لقاءات دولية مختلفة وكذا خلال اجتماع اللجنة الأكاديمية التحضيرية للمؤتمر العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، التي تم تعيينها عضوا فيها، على أهمية تشجيع المبادرات التي تشرك الشباب في معركة النضال من أجل إلغاء عقوبة الإعدام، حيث أكدت على موقف المجلس الثابت القاضي بإلغاء عقوبة الإعدام وعلى ضرورة تصويت المغرب لصالح القرار الأممي القاضي بوقف تنفيذ عقوبة الإعدام، مشددة على مواصلة الترافع من أجل كسر حلقة الارتباك وتردد المشرع.
كما يعمل المجلس ولجنه الجهوية على ضمان تتبع وحماية حقوق الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة الإعدام، بما في ذلك ضمان المتابعة والزيارات المنتظمة لهم، ومراقبة أوضاعهم الصحية، خاصة وضعية المصابين بأمراض مزمنة وأمراض نفسية وعقلية، ومواكبتهم خلال مرحلة التقاضي، ودعم الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام والموجودين في وضعية هشاشة، إلى جانب العمل على تنشيط وإغناء النقاش الوطني حول هذه القضية وتقديم الدعم للمنظمات غير الحكومية وشبكات المحامين والصحفيين والأساتذة والبرلمانيين وشبكات المجتمع المدني المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام.
أهم توصيات المجلس بخصوص عقوبة الإعدام:
إلغاء عقوبة الإعدام قانونا وممارسة؛
التصويت لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة القاضي بوقف العمل بعقوبة الإعدام الذي سيصدر في دجنبر 2024؛
المصادقة على البرتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام.