شددت الوثيقة الختامية لمنتدى الرباط العالمي لحقوق الإنسان على أهمية التعامل مع الذاكرة كعنصر محوري في مسلسلات العدالة الانتقالية، باعتبارها آلية للوقاية من الانتهاكات مستقبلا. لذلك دعا المشاركون في المنتدى لصون الذاكرة من خلال إحداث مؤسسات ونهج سياسات وطنية ومناهج تعليمية تستحضر أهميتها.
وسجل المشاركون في منتدى الرباط، الذي نظمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان بتعاون مع المركز الدولي للنهوض بحقوق الإنسان-اليونسكو، يومي 17 و18 فبراير 2023، أنه بالرغم من أن معظم تجارب العدالة الانتقالية قد جرت بدول الجنوب، إلا أن المساهمات على مستوى التنظير والتقييم تتبلور بدول الشمال. ولهذا أكد المنتدى على ضرورة أخذ العوامل المرتبطة بالسياقات بعين الاعتبار خلال تقييم التجارب السابقة في مجال العدالة الانتقالية أو عند المبادرة لإطلاق تجارب أخرى في المستقبل.
وفي نفس السياق، لم يفت المشاركون في المنتدى الإشادة بتجارب العدالة الانتقالية في دول الجنوب، لاسيما في المغرب والأرجنتين والشيلي وغانا وجنوب أفريقيا، وشددوا على أنه ينبغي عند تقييم مسارات العدالة الانتقالية على مستوى الذاكرة والتاريخ، الانتباه إلى مجموعة واسعة من أشكال التعبير عن الذاكرة والتأريخ والسرد، باعتبار أنه يمكن التعبير عن الماضي عن طريق الموسيقى والشعر والرقص والرسم والمسرح الشعبي والصناعة التقليدية وأشكال من الصمت أيضا. ويرى المنتدى أنه "لا يجب اعتبار الذاكرة وسيلة لضمان عدم التكرار والمصالحة مع الماضي فحسب بل أيضاً ركيزة من ركائز تكريس المنظومات الديمقراطية المستدامة".
وفيما يتعلق بمقاربة النوع في مسارات العدالة الانتقالية، أكد المنتدى على وجوب إرساء أسس وآليات تأخذ بعين الاعتبار وضعية النساء باعتبارهن فئة هشة في ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، حيث يمكن أن تستمر معاناتهن حتى بعد انتهاء مسار العدالة الانتقالية، خاصة أنهن قد يصبحن ضحية للوصم المجتمعي.
وتجدر الإشارة إلى أن منتدى الرباط العالمي لحقوق الإنسان، الذي تميز بمشاركة أزيد من 300 مشارك ومشاركة من المدافعين والمدافعات عن حقوق الإنسان من 50 بلدا، قرر تقديم الوثيقة الختامية التي توجت أشغاله خلال الدورة الثالثة للمنتدى العالمي لحقوق الإنسان، الذي سيعقد بالأرجنتين في مارس القادم، من أجل تعزيز أشغاله وإثرائها.