حلت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيدة آمنة بوعياش، يوم الإثنين 18 أبريل 2022، برحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض بمراكش، في إطار لقاء تفاعلي مع طلبة ماستر حقوق الإنسان والحريات العامة وطلبة الإجازة في القانون العام والعلوم السياسية، تناولت خلاله موضوع "التربية على حقوق الإنسان.. الرهانات، المكتسبات والتحديات".
بعد استعراضها لتطور النقاش الذي عرفته المجموعة الدولية فيما يخص طرح المكون الثقافي في مجال حقوق الإنسان والتربية عليه، دعت رئيسة المجلس إلى تجديد البرامج الدراسية وتكييفها مع التحولات المتسارعة التي يعرفها المجتمع فيما يتعلق بحقوق الإنسان. على اعتبار أن "مهمة التربية على حقوق الإنسان تعد منهجا فلسفيا وبيداغوجيا، يتوخى ترجمة المعايير الأممية وتفعيل مبادئ المساواة ومناهضة التمييز... إلى ممارسات جماعية وعقليات تناهض العنف والكراهية وتتقاسم قيم مشتركة تدعم السلم والمساواة وتناهض التمييز".
وفي سياق التذكير بتاريخ التربية على حقوق الإنسان في ارتباطه بالتطورات التربوية على المستويين الفلسفي والتطبيقي، قدمت السيدة بوعياش خلاصات المجلس الوطني لحقوق الإنسان فيما يخص الأساليب وطرق التثقيف في مجال التربية على حقوق الإنسان، وذلك اعتمادا على متابعته لمسارات التربية على حقوق الإنسان.
ويعتبر المجلس أن الحصة التكوينية النموذجية تنقسم إلى مراحل عدة، أهمها: العصف الذهني الذي ينطلق من حامل بيداغوجي؛ اختزال الموقف في إشكالية تحيل على مقتضى (أو أكثر) من مقتضيات الترسانة الحقوقية؛ فتح نقاش منظم ومعلل حول الإشكالية الحقوقية؛ توجيه الخلاصات نحو الامتدادات المجتمعية والخروقات المشابهة والممكنة.
وأبرزت السيدة بوعياش أن المجلس يساهم في نشر ثقافة حقوق الإنسان والنهوض بقيمها عبر عدة وسائل وفي إطارات مختلفة، ضمنها الوسط المدرسي والفني والمدني والجامعي، وذلك من خلال عمل تكويني يروم تقوية القدرات، علاوة على اعتماد جميع الأشكال التعبيرية التي تشكل قنوات مناسبة لنشر ثقافة حقوق الإنسان وتملك قيمها من طرف كافة الفئات المستهدفة، المعنية بشكل مباشر أو غير مباشر، بتقوية القدرات (فئات مهنية، المكلفين بإنفاذ القانون، معدي السياسات العمومية والقائمين على تدبيرها وتنفيذها، مؤطري مؤسسات الرعاية الاجتماعية الموجهة للأطفال والنساء والفئات في وضعية هشاشة، المحامين، مهنيي الإعلام...).
ولم يفت رئيسة المجلس الإشارة إلى التحديات الكبرى التي تواجه مجال نشر ثقافة الديمقراطية وحقوق الإنسان والتربية على قيمهما، حيث شددت على أن مسلسل التثقيف في مجال النهوض بحقوق الإنسان يحتاج لاعتماد مناهج مبتكرة تساير التحولات التي تعرفها المناهج البحثية والتعليمية والتواصلية والتقنية، وذلك في إطار تجديد المناهج وتكييفها حسب الحاجات والأهداف، مضيفة أن تقوية القدرات في مجال التكوين والتدريب تطلبت من المجلس بلورة استراتيجية في مجال التكوين وإيلاء أولوية لدعم قدرات أعضاء لجنه الجهوية والفاعلين والشركاء جهويا ووطنيا، ومواكبة جهود الحكومة بشأن مواصلة انخراط بلادنا في خطة العمل للمرحلة الرابعة (2020-2024) من البرنامج العالمي للتثقيف في مجال حقوق الإنسان.
وفي نفس السياق، دعت السيدة بوعياش إلى ضرورة التوفر على كفاءات وقدرات مؤهَّلة وتوفير وتطوير وإبداع الوسائل الديداكتيكية والتربوية وتسخير كافة التعبيرات الثقافية والفنية في تمرير قيم حقوق الإنسان ثم الترافع من أجل الارتقاء بمستوى التأطير القانوني للأندية التربوية في الوسط المدرسي، مشددة على الدور الذي يمكن أن يلعبه الفاعل الرقمي من حيث قدرته على النهوض بقيم حقوق الإنسان أو انتهاكها، معتبرة إياه "التحدي الأكثر تعقيدا"، بالنظر إلى طرق تسخيره للتطورات التكنولوجية ووسائل التواصل الحديثة، ذات الانتشار الواسع، في نشر ثقافة حقوق الإنسان في أوساط الشباب والأطفال، بشكل ممنهج ومستمر.
وخلصت رئيسة المجلس إلى أن التربية على حقوق الإنسان تعد المدخل لنهضة ثقافية تمكّن المجتمع من التداول في الإشكاليات الجديدة وبلورة الإجابات للقضايا الناشئة، مشددة على المسؤولية المجتمعية للجامعة المغربية لتكون المحيط المؤثر في نوعية العلاقات وتكوين العقليات لأنها "مؤهلة، أكثر من أي مؤسسة أخرى، لأن تكون ليس فقط حاضنة للقيم المساواة والكرامة بل ومؤسِّسة لمشروعيتها الفكرية والسياسية".
وتميز هذا اللقاء التفاعلي، الذي نظمته "مجموعة البحث حول الإدارة والسياسات العمومية" و"مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات" التابع لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، بحضور رئيس اللجنة الجهوية بجهة مراكش-آسفي، السيد مصطفى العريصة، وبعض أعضاء اللجنة، رئيس جامعة القاضي عياض، السيد حسن احبيض، ومسؤولين بالكلية ومنسقي مختبرات الأبحاث بها وطلبة ماستر "حقوق الإنسان والحريات العامة".