شاركت السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يومه الإثنين 14 فبراير 2022، في افتتاح مناظرة وطنية حول "المسؤولية المجتمعية للجامعة: من أجل حياة جامعية دامجة ومندمجة"، بكلية الطب والصيدلة-جامعة عبد المالك السعدي بطنجة.
وقد أكدت رئيسة المجلس في هذا اللقاء أن "المسؤولية المجتمعية للجامعات تتحدد، إلى جانب وظيفتيها الأساسيتين في التعليم والبحث العلمي، بوظيفة ثالثة وهي خدمة المجتمع، والتي تجد تجسيدها في بناء مجتمع المعرفة؛ تكوين الكفاءات الديمقراطية وبناء ثقافة المواطنة ومواكبة التحولات التي تعرفها القيم". وبناء على ذلك، فإن اضطلاع الجامعات بمسؤوليتها المجتمعية، تجعل منها مؤسسات، ليست شريكة فحسب، بل حليفة استراتيجية للمدافعين عن الحقوق والحريات.
وأبرزت السيدة بوعياش أن التزام الجامعة بمسؤوليتها المجتمعية يقاس، بالنسبة للفاعل الحقوقي، بالدرجة الأولى بمدى قدرتها على أن تكون مؤسسة تعكس قيم المواطنة، ومن أهمها الالتزام بكرامة الإنسان واحترام الاختلاف والتنوع الثقافي ومناهضة التمييز والانخراط الطوعي في قضايا المجتمع.
وفي معرض حديثها عن أشكال العنف القائم على النوع التي تطال بعض الجامعات، خاصة منها التحرش والابتزاز الجنسي، شددت رئيسة المجلس على أهمية تقوية "التدبير الذاتي" الذي سيمكن لا محالة من التصدي لهذه الجرائم، حتى لا تتحول الجامعة، من فضاء العلم والمعرفة إلى فضاء العنف القائم على النوع الاجتماعي والاتجار بالبشر.
واعتبرت السيدة بوعياش أن إصرار الضحايا على التبليغ بشجاعة عن حالات التحرش الجنسي، يعتبر تطورا إيجابيا يقطع مع أسلوب الصمت والتستر والتجاهل والتعتيم عن سلوكيات تشكل مسا خطيرا بأخلاقيات مهمة التدريس والتأطير والبحث، ذلك أن "محاولة التصدي لهذه الممارسات يكمن بالأساس في التبليغ عن أي شكل من أشكال العنف القائم على النوع، لأنه المرتكز الأساسي للتصدي لمثل هذه الممارسات المشينة والمجرمة قانونا".
ومن جملة التوصيات والمقترحات التي قدمتها رئيسة المجلس من أجل النهوض بالمسؤولية المجتمعية للجامعات، بلورة قواعد التدخل الآني في حالة التبليغ أو الشكاية، بغض النظر عن المآل القضائي، وهو ما يسمى التدبير الذاتي للجامعات، سواء بدعم الضحايا واتخاذ إجراءات مستعجلة للقطع مع احتمالات تعددها، بلورة مسطرة تدارك أو استصلاح "Mesure de remédiation"، في حالات الابتزاز الجنسي أو التحرش أو العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد الطلبة، خصوصا وأن هذه الحالات تشجع على مغادرة الدراسة أو الفشل، تنظيم جلسات بالنسبة للملتحقين الجدد بالجامعات حول القواعد الأساسية التي تمثل مدونة الأخلاقيات داخل فضاء الجامعات، لدعمهم ومرافقتهم، الخ.
وقد أعلنت السيدة بوعياش بهذه المناسبة أن المجلس يستعد لإطلاق نقاش عمومي حول ظاهرة العنف القائم على النوع الاجتماعي، بشراكة بين لجانه الجهوية والجامعات وإحداث منصة خاصة بالتبليغ، تروم تحديد بعض المؤشرات لهذه الوقائع والتعاون مع الآليات التنفيذية لتعزيز الحماية.
وأكدت رئيسة المجلس في ختام كلمتها أن الطابع العابر للحدود للثقافات وللنظم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتكنولوجيات الحديثة، بما فيها منصات التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي، يثير إشكالات جديدة ومتجددة من حيث المسؤولية المجتمعية للجامعات، والتي تتمثل في أشكال وأدوات ووسائل تدخلها في معالجة قضايا محيطها المجتمعي، بنفس متجدد وبإمكانيات استباقية لما يمكن أن تؤول إليه الأمور. ذلك أن الجامعات تؤسس للمشروعية المعرفية لهذا التجديد والارتقاء بالمسؤولية المجتمعية إلى مستوى جعل كرامة الإنسان فوق كل اعتبار!.