أبرزت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيدة آمنة بوعياش، أن المغرب شهد في العقد الأول من القرن الحالي تحولات ملموسة بخصوص قضية الإعاقة، مهدت الطريق أمام الاعتراف بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة وتكريسها على المستويين التشريعي والمؤسساتي في العقد الثاني من هذه المرحلة، مسجلة في نفس السياق كون "واقع الأشخاص في وضعية إعاقة لايزال يؤشر على اتساع الهوة بين الاعتراف بالحقوق وفعليتها على أرض الواقع".
وأكدت رئيسة المجلس خلال درس افتتاحي ألقته مساء الثلاثاء فاتح نونبر 2022 بكلية علوم التربية بالرباط، تحت عنوان "حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة بين الاعتراف والفعلية"، أن تعزيز الآليات التشريعية والمؤسساتية يعتبر محطة أساسية لا غنى عنها في مسار الاعتراف بالحقوق، "لكنها لا تؤدي تلقائيا إلى الولوج الفعلي لهذه الحقوق"، مشيرة إلى أن التمتع الكامل والفعلي بالحقوق يبقى مرهونا بمدى تطبيق الدول بشكل متوازن للأبعاد الثلاثة للمبادئ المعروفة في مجال تعزيز حقوق الإنسان (الاحترام، الحماية، الوفاء).
وفي معرض استعراضها لوضعية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ومدى فعلية ولوجهم للحق في التعليم والشغل والصحة والمشاركة السياسية...، خلصت السيدة بوعياش إلى أن ما تحقق على أرض الواقع هو الاعتراف بحقوق هذه الفئة، فيما لايزال ضمان فعلية هذه الحقوق يتطلب مجهودات.
وأرجعت أسباب هذه الوضعية لمجموعة من الأسباب أبرزها انتشار الصور النمطية والتمثلات السلبية اتجاه الأشخاص في وضعية إعاقة في المجتمع؛ ضعف أو غياب الالتقائية بين السياسات المجالية والتنسيق بين كافة المتدخلين في مجال الإعاقة؛ غياب الولوجيات بمفهومها الشامل مما يحد من إمكانية الوصول للحقوق والتمتع بالخدمات؛ التفاوت الحاصل في تغطية العرض الصحي بمختلف الجهات وانعكاساته على صحة الأشخاص في وضعية إعاقة؛ صعوبة الولوج الشامل للعدالة وغياب الترتيبات التيسيرية عند مراحل التقاضي، بما في ذلك توفير الترجمة للغة الإشارة، مما يؤثر على إحقاق شروط المحاكمة العادلة وفقا للمادة 13 من الاتفاقية الدولية.
وفيما يتعلق باستفادة هذه الفئة من الحماية الاجتماعية، أبرزت السيدة بوعياش أن ثلثي الأشخاص ذوي الإعاقة لا يستفيدون من أي نظام للضمان الاجتماعي، ويعود ذلك أولا، إلى ندرة المعطيات المتعلقة بالوضعية الاجتماعية للأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب، لتحديد موقعهم ضمن ورش نظام الحماية الاجتماعية، ثم صعوبة ترجمة النصوص القانونية إلى مداخل حقيقية لضمان الحماية الاجتماعية لهذه الفئة وكذا الشروع في تنفيذ الحماية الاجتماعية.
وختمت رئيسة المجلس درسها الافتتاحي بالدعوة لاتخاذ مجموعة من التدابير تهم مجالات: إذكاء الوعي لمواجهة الأفكار والمواقف الخاطئة والحد من السلوكات والتصرفات الماسة بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة؛ تحيين بيانات ومعطيات الإحصاء العام للسكان والسكنى باعتماد أسئلة تكميلية تمكن من تدقيق التصريحات الأولية والرفع من نسبة صحة المعطيات المحصل عليها.
كما دعت السيدة بوعياش إلى نهج سياسات عمومية تؤدي إلى الإعمال الفعلي لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بالمغرب؛ إعمال مبدأ المشاركة الفعلية والفاعلة مع ذوي المصلحة ومن يمثلهم وتطوير آليات التشاور معهم بشأن إلغاء الرعاية المؤسسية وإعمال مبدأ العناية الواجبة واستعادة دور الدولة في التكفل الشامل بالأشخاص ذوي الإعاقة في احترام تام لمبادئ وأحكام الاتفاقية الدولية باعتبارها دولة طرف في هذه الاتفاقية.