أكدت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيدة آمنة بوعياش، أن "صراع الأديان وحقوق الإنسان" صراع مفتعل، تؤطره إيدلوجيات سياسية متطرفة، حكمتها وما زالت تحكمها، في الأغلب الأعم، تأويلات تغفل جوهر حماية حقوق الإنسان للأديان وللحق في ممارسة شعائرها".
وأوضحت السيدة بوعياش، في كلمتها الافتتاحية للمؤتمر الدولي الذي تحتضنه الرباط يومي 11 و12 ماي 2022 حول موضوع "معايير دولية لحظر استخدام الأديان لأغراض سياسية من أجل حماية شاملة لحقوق الإنسان من كل أشكال التطرف"، أن الدين وحقوق الإنسان "يتشاركان نفس الأساس، ألا هو فك العلاقة ما بين الخصوصي والكوني، وما بين الفرد ومحيطه بكل جوانبه، كما يتشاركان الإيمان بكونية كرامة الإنسان وأسسها في الأديان والفلسفات والحضارات".
وفي معرض حديثها عن العلاقة بين الأديان وحقوق الإنسان ومسلسل التأصيل لهذه الحقوق، توقفت رئيسة المجلس عند مساهمة المفكرين والفلاسفة، باختلاف انتماءاتهم وثقافاتهم وخلفياتهم، في وضع "الإطار والمنهج الذي يكرس حماية الاختلاف والتنوع وحرية التفكير، والحق في ممارسة شعائر الدين وحرية العقيدة، على أساس المســاواة بــين الجميــع"، مستحضرة في هذا السياق تجربة الملتقى الدولي بدير تومليلين بالأطلس المتوسط (1956-1968)، التي تعتبر نموذجا غير مؤسساتي للحوار بين الثقافات والحضارات والتي تمثل "ذاكرة جماعية أكدت منذ 70 سنة أن النقاش التعددي ممكن وواقع وأن الاحتفاء المشترك بمعتقدات وأفكار الجميع لا يتطلب سوى القدرة على الاستماع والابتعاد عن التقاطب والتشدد".
وختمت السيدة بوعياش كلمتها بالتأكيد على مطمح المجلس بأن يساهم هذا المؤتمر العالمي في "تعزيز الفهم حول أوجه التفاعل بين الجوانب الحقوقية والمجتمعية والأبعاد التنموية في علاقتها بالأديان، والنهوض بثقافة حقوق الإنسان وتعزيز قيم العدالة والديمقراطية والحرية والمساواة، بما يضمن تمكين النساء والشباب والفئات الهشة".
من جانبه، دعا السيد نجيب ساوريس، رئيس منظمة "بيبيور إنترناشونال"، التي أطلقت المبادرة العالمية لسن معاهدة دولية لحظر استخدام الأديان لأغراض سياسية، إلى ضرورة استمرار الحوار بين الأديان والسعي إلى تحقيق العيش المشترك بينها لوضع حد لانتهاك حقوق الإنسان باسم الدين. كما دعا الحكومات لاعتماد هذه المبادرة العالمية وتبنيها وتقديمها للأمم المتحدة لمساعدة المجتمع الدولي على حل نزاعاته المشتعلة ووضع حد لمختلف أشكال انتهاك حقوق الإنسان.
فيما أجمعت مداخلات كل من السيدة تورية لحرش، الراعية البرلمانية للمبادرة ورئيسة جمعية "منتدى مساهمات المغرب"، واللورد روان وليامز، الزعيم السابق للكنيسة الأنجليكانية، وإفرام إسحاق، رئيس معهد الدراسات السامية، وعمر سيف غباش، كاتب وديبلوماسي إماراتي، ومارتن إنغلبيرغ، سياسي أوربي وراعي التشريع البرلماني في النمسا، (أجمعت) على أن هذه المبادرة سيكون لها شأن في مستقبل العالم الذي يريد له المشاركون في هذه المبادرة أن يكون عالما خاليا من الحروب والنزاعات والكراهية، عالما تسوده الرفاهية والسلم وتحترم فيه حقوق الإنسان بمعناها الكوني. كما توقف المتدخلون عند الإشكالات الخطيرة التي تنجم عن الاستخدام السيء للدين لأغراض سياسة، وما ينجم عنها من حروب وتقتيل، وشددوا على الحق في حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر الدينية دون تمييز.
ويشارك في هذا المؤتمر العالمي، الذي يحظى بدعم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أكثر من 100 من قيادات المبادرة والداعمين لها من البرلمانيين والدبلوماسيين والمسؤولين السابقين والشخصيات الدينية والمدنية والسياسية التي تعبر عن احترامها لجميع الأديان والمنتمية لأكثر من 60 دولة، وتسعى من خلال هذه المبادرة لوضع معايير دولية لحظر استخدام الدين لأغراض سياسية ومن أجل حماية شاملة لحقوق الإنسان من كل أشكال التطرف.