أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان من خلال تقريره السنوي 2020 "كوفيد-19: وضع استثنائي وتمرين حقوقي جديد"، أن جائحة (كوفيد-19) والآثار الاقتصادية والاجتماعية المترتبة عنها شكلت محكا غير مسبوق للحكومات والشركات في مجال الالتزام بمعايير حقوق الإنسان.
وفي هذا الصدد، أشار المجلس أن الآثار المترتبة على حقوق الإنسان والنتائج الاقتصادية للوباء أظهرت الحاجة الماسة إلى ضمانات أفضل لفائدة العاملين في المصانع، وفي الخدمات الأساسية والنقل، والعمال الزراعيين، والعاملين في المستشفيات أو المهن المرتبطة بها، حيث غالبا ما يكونون الأكثر هشاشة وتعرضا لخطر انتهاكات حقوق الإنسان، كما يرتبط العديد منهم بمشغليهم بعقود مؤقتة، أو بأجور منخفضة ودون حماية اجتماعية، مع أنهم معرضون دائما لمخاطر صحية ويشتغلون في ظل غياب شروط السلامة والوقاية الصحية.
وفي ضوء التدابير المتخذة والتحديات المطروحة، يرى المجلس أن الفيروس كانت له آثار وخيمة على التمتع بالحق في الشغل، إذ سبب معاناة كبيرة وكشف درجة كبرى من الهشاشة لدى فئة عريضة من العمال، حيث تعرض عدد كبير منهم للطرد أو التوقيف ونقص ساعات العمل. كما أدى إلى توسيع قاعدة الفقر وزيادة معدلات البطالة، خاصة في أوساط الشباب، كما وقف على التحديات التي تواجه المقاولات بفعل تداعيات جائحة كوفيد19 كتراجع رقم المعاملات وعدم القدرة على الحفاظ على مناصب الشغل وتزايد آجال الأداء، وهو وضع أصبحت معه العديد من المقاولات تحت تهديد الإفلاس.
وقد أصدر المجلس نداء بعنوان «من أجل الالتزام باحترام حقوق الإنسان في عالم الشغل لفترة ما بعد الحجر الصحي: مقاولات تتبنى مبدأ العناية الواجبة من أجل مجتمع قادر على الصمود»، حيث رحب بمختلف التدابير التي اتخذتها السلطات العمومية والاتحاد العام لمقاولات المغرب في إطار استئناف النشاط الاقتصادي والخدمات العمومية، وخاصة الدوريات والدلائل العملية والبرتوكولات. وقدم المجلس في هذا النداء مجموعة من التوصيات إلى الحكومة وأرباب الشغل من أجل احترام الحقوق الإنسانية للعاملين والمستخدمين والمرتفقين وجميع الأشخاص المتواجدين في أماكن العمل أو المصالح العمومية.
توصيات المجلس
- تفعيل النموذج التنموي الجديد، بما يحقق أهداف التنمية المستدامة ويضمن تعزيز الكرامة الإنسانية والحد من التفاوتات الاجتماعية والمجالية، وعدم ترك أحد خلف الركب، ويجعل الاقتصاد الوطني قادرا على الصمود أمام الأزمات غير المتوقعة مثل الأزمة الوبائية الحالية؛
- توسيع إجراءات الدعم الاقتصادي كي تستهدف بالدرجة الأولى الأشخاص الأكثر هشاشة والمستحقين لها، وخاصة في العالم القروي والأحياء الهامشية في المدن والعاملين في القطاع غير المهيكل، وذلك من خلال اعتماد معايير أكثر مرونة لتسهيل الاستفادة من هذا الدعم؛
- حماية الأجراء في أماكن العمل من خلال تعزيز إجراءات السلامة المهنية والصحية واعتماد العمل عن بعد قدر الإمكان ومنع التمييز والإقصاء وضمان العطل المؤدى عنها؛
- اعتماد الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية كآلية لتقديم حلول عن القضايا المثيرة للقلق الناشئة بفعل جائحة كوفيد 19 وتعزيز المؤسسات المعنية بعلاقات الشغل، وخاصة مؤسسة مفتش الشغل؛