أكد الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان "أن القضاء على العنف ضد المرأة يحتاج إلى تفعيل المبادئ القانونية والأخلاقية القائمة على التسامح ونبذ العنف والعمل بشكل أكبر من أجل ضمان انسجام التشريع الوطني مع المعايير الدولية المعتمدة، فمراجعة القوانين على أهميتها، تبقى نتائجها رهينة بمدى استعدادنا للعمل على تغيير المعطيات الاجتماعية والثقافية ومدى قدرتنا على النضال لمأسسة المساواة".
جاء ذلك خلال ورشة العمل التي انطلقت أشغالها هذا الصباح حول "قانون محاربة العنف ضد النساء في المغرب: تعزيز الحماية والمنع في القانون" والتي تنظمها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، بشراكة و تعاون مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان ورئاسة النيابة العامة، بهدف التعرف على المعايير الدولية المتعلقة بمحاربة العنف ضد النساء ومناقشة قانون محاربة العنف ضد النساء رقم 103.13 ومدى مواءمته مع المعايير الدولية، الخ.
وقد ذكر السيد بنصالح بأن أكثر من 50% من نساء المغرب حسب تقارير رسمية، تعرضن في فترة في فترات حياتهن لشكل من أشكال العنف أو التعنيف، وهي للأسف نسبة مرتفعة تساءل الجميع.
مؤكدا في هذا السياق أن الحماية القانونية للمرأة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الواقعية للمجتمع، وأن تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد المتشعبّة والمتداخلة للظاهرة من أجل إرساء قواعد المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز ضد النساء وتأهيل منظومة التربية والتكوين على أساس الإنصاف والمساواة وتعزيز الولوج المنصف والمتساوي لمناصب اتخاذ القرار الإداري والسياسي وتحقيق تكافؤ الفرص بين الجنسين في سوق الشغل.
وفي سياق الحديث عن علاقة العنف ضد النساء بالتنمية، فقد أكد أمين عام المجلس أنه لا يمكننا بكل بساطة تحقيق التنمية بدون مشاركة فعلية وفعالة وكاملة للمرأة. والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يمكن أن نتحدث عن مشاركة فعلية وكاملة للنساء في ظل استمرار تعرضهن للعديد من مظاهر التمييز في القانون، وإن تحقق تطور وتقدم في هذا الشأن، وفي الممارسة بدرجة أكبر.
ولم يفت السيد بنصالح التذكير بهذه المناسبة بأن المجلس قد ساهم في النقاش حول مشروع القانون رقم 103.13 من خلال إصدار رأي سنة 2016 بخصوص مشروع القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء. حيث همت توصيات المجلس، يضيف، اعتبار العنف القائم على أساس الجنس شكلا من أشكال التمييز، وإعمال مفهوم العناية الواجبة كمفهوم يشمل مقتضيات تتعلق بالوقاية من العنف والتحقيق في مختلف حالاته وزجر هذه الحالات وجبر أضرار ضحايا العنف، كما تهم تلك التوصيات انسجام الإطار القانوني والسياسات العمومية المتعلقة بمكافحة العنف ضد النساء بالإضافة إلى تيسير سبل الانتصاف القضائية و غير القضائية للنساء ضحايا العنف.
وفي مستهل كلمته، أشار رئيس النيابة العامة، السيد محمد عبد النباوي، بأن المغرب وافق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والبروتوكول الاختياري الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، مع بدل مجهودات لملاءمة التشريع الوطني مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان.
وقد دعا بهذه المناسبة إلى طرح كافة الإشكاليات القانونية الناتجة عن تطبيق القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء بعد سنة من تنزيله، مضيفا أن السياسة الجنائية تضع محاربة العنف ضد النساء في مقدمة أولوياتها.
جدير بالتذكير أن المجلس، الذي يضع موضوع المساواة ومناهضة التمييز المبني على النوع الاجتماعي ضمن أولوياته، قد أنجز دراسة حول التجارب الدولية لمأسسة مكافحة التمييز في أفق إحداث هيئة المناصفة ومكافحة كافة أشكال التمييز. كما أصدر المجلس سنة 2015، تقريره الموضوعاتي حول «وضعية المساواة وحقوق الإنسان بالمغرب: صون وإعمال غايات وأهداف الدستور»، الذي قدم تحليلا لواقع حقوق المرأة والمساواة بالمغرب، عشر سنوات بعد إصلاح مدونة الأسرة وأربع سنوات بعد دستور 2011 و20 سنة بعد اعتماد إعلان ومنهاج عمل بيجين.
الاطلاع على كلمة السيد منير بنصالح