في إطار الندوة الدولية المنظمة من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمديرية العامة للأمن الوطني حول "المعايير والممارسات المتعلقة بالوقاية من التعذيب أثناء الإيقاف والاستماع والحراسة النظرية"، انكب المتدخلون خلال الجلسة الأولى، التي يسرها السيد محمد أوجار، وزير عدل سابق، على القواعد والمعايير القانونية الدولية المتعلقة بالوقاية من التعذيب وملاءمتها مع التشريعات الوطنية ودور السلطة القضائية في هذا المجال.
وبهذه المناسبة، استعرض السيد عبد الرزاق روان، عضو لجنة مناهضة التعذيب للأمم المتحدة، أهم بنود الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب (توضيح أسباب الإيقاف، التمتع بمؤازرة محام، الحق في إخبار طرف ثالث، مراجعة قواعد الاستماع وأساليبه وتعليماته وممارساته، التسجيل السمعي البصري، إلخ)، مشيرا إلى أن المعايير المترتبة عن مقتضيات هذه المواد تتعلق بالإجراءات التشريعية والإدارية والقضائية الواجب اعتمادها من قبل الدول الأطراف لمنع ارتكاب جريمة التعذيب والتي يجب أن تتلاءم معها، مشيرا إلى أن اللجنة لطالما دعت الدول الأطراف، بمناسبة فحص تقاريرها الدورية، إلى تجريم التعذيب وإعمال هذه الضمانات وإعداد استراتيجيات واضحة بهذا الشأن.
وفيما يتعلق بالمنظومة الافريقية لحماية حقوق الإنسان، استعرض السيد ريمي نغوي، رئيس اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، أهم الضمانات القانونية والقضائية التي توفرها اللجنة للحماية من التعذيب ومناهضته من قبيل: الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، لجنة منع التعذيب في افريقيا، الميثاق الإفريقي لحقوق ورفاهية الأطفال، المبادئ التوجيهية "روبن أيلاند"، المبادئ التوجيهية "لواندا"، المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، إلخ.
وأوضح أن الدول الأطراف مدعوة إلى إعمال هذه الضمانات القانونية والقضائية أثناء الإيقاف والاستماع والحراسة النظرية، بما في ذلك القضايا المرتبطة بالأعمال الإرهابية، مبرزا أنها تضمن أيضا حقوق الأشخاص في وضعية هشاشة والنساء والأطفال والأشخاص في وضعية إعاقة.
ومن جانبه أوضح السيد حكيم وردي، قاضي ملحق، عضو بديوان رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن المغرب راكم تجربة كبيرة في مسار مناهضة التعذيب على المستوى التشريعي والقضائي تفعيلا للاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب. مشيرا إلى أن احترام الضمانات القانونية والقضائية اللازمة للوقاية من التعذيب رهين بمدى تطبيقها عبر إعمال القضاء لها عبر ممارسة فعلية تحمي المواطن إزاء أي انتهاك لها (شرعية التوقيف، إشعار العائلات، الإذن بالزيارة لمحامي الشخص الموقوف، مدة الإيداع وظروفه، التغذية التطبيب، النظافة، التوثيق) خاصة خلال فترة الحراسة النظرية.
واستعرضت السيدة كوثر لشهب، قاضية مكلفة بقضايا حقوق الإنسان، مديرية الشؤون الجنائية والعفو بوزارة العدل، واقع السياسة الجنائية في مجال مناهضة التعذيب من خلال مجموعة القانون الجنائي والمسطرة الجنائية مشيرة أن المغرب قام بتجريم التعذيب وهو ما شكل خطوة مهمة في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها بما ينسجم مع حظر التعذيب بشتى أنواعه.
يذكر أن هذه الندوة الدولية، المنعقدة يوم الثلاثاء 20 شتنبر 2022، تندرج ضمن برنامج اتفاقية التعاون بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمديرية العامة للأمن الوطني، انكب المشاركون خلالها على تدارس الضمانات القانونية والقضائية للوقاية من التعذيب وآليات وإجراءات الوقاية من التعذيب، بمشاركة خبراء وطنيين ودوليين وممثلين عن المديرية العامة للأمن الوطني والدرك الملكي والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ووزارة العدل ومنظمات المجتمع المدني والجامعات والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والآليات الوطنية للوقاية من التعذيب، إلخ.