بعد مرور سنة عن انطلاق المحاكمات عن بعد التي فرضتها ظروف الجائحة، التأم مختلف المتدخلين في منظومة العدالة صباح الثلاثاء 27 أبريل 2021 بالمعهد العالي للقضاء بالرباط، في إطار يوم دراسي حول موضوع "التقاضي عن بعد وضمانات المحاكمة العادلة"، لتقييم حصيلة هذه التجربة والوقوف على مدى احترامها لشروط وضمانات المحاكمة العادلة، من تنظيم وزارة العدل بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان ورئاسة النيابة العامة والمندوبية العامة للسجون وإعادة الإدماج وجمعية هيئات المحامين بالمغرب.
وفي كلمة لها خلال الجلسة الافتتاحية للقاء، أكدت السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن المرجعيات الدولية "تبرز أن نظام المحاكمة عن بعد لا يشكل من حيث المبدأ مسا بالمحاكمة العادلة أو تهديدا لها، غير أنها تؤكد أن عدالة هذه المحاكمة تبقى رهينة بمدى تجسيدها لمبادئ الضرورة والتناسب والشرعية وسيادة القانون والتوازن بين الأطراف، وبمدى استجابتها لقواعد العدل والإنصاف واحترامها لحقوق الدفاع"، مستدلة في ذلك باجتهادات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، حين اعتبرت "أن اللجوء إلى تقنيات التواصل عن بعد في إجراءات المحاكمة لا ينقص، بحد ذاته، من ضمانات المحاكمة العادلة، ما دام أن الهدف من اللجوء إلى هذه الوسائل هدف مشروع، وأن الوسائل المستعملة في ذلك لا تتعارض مع حقوق الدفاع".
ومن جهة أخرى، أكدت رئيسة المجلس على ضرورة إنجاز دراسة ميدانية وقانونية تمكن من تدعيم التدابير الناجحة في هذا المجال واقتراح مسارات لتجاوز الإكراهات وبلورة المساطر الضرورية لتوفير شروط المحاكمة العادلة. مع تأكيدها على أهمية التسريع بمراجعة المسطرة الجنائية حتى تتلاءم مع المعايير الدولية ومع مستجدات المحاكمة عن بعد.
وسجل وزير محمد بنعبد القادر العدل بأن قرار اعتماد المحاكمات عن بعد تم بقرار مشترك بين وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، مضيفا أنه رغم الصعوبات التي شهدتها انطلاقة هذه المحاكمات، قامت الوزارة بتجهيز قاعات مخصصة للمحاكمات عن بعد في المؤسسات السجنية بما تحتاجه من مستلزمات تقنية ولوجستيكية كفيلة بضمان جودة إجراء المحاكمات عن بعد بمختلف المحاكم فضلا عن إعداد مشروع قانون من شأنه أن يضمن التأطير القانوني للمحاكمة عن بعد والتقعيد القانوني لها.
ومن جانبه، أعلن السيد محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، أن المحاكمات عن بعد مكنت خلال سنة من عقد 19 ألف جلسة عن بُعد، درست خلالها أكثر من 370 ألف قضية تهم المعتقلين، وتمكنت المحاكم من البت عن بعد في أكثر من 133 ألف قضية ترتب عن بعضها الإفراج عن حوالي 12 ألف معتقل. وعبر عن أمله في صدور قانون ينظم المحاكمات الافتراضية وتمكين المغرب من الآلية القانونية المناسبة لإجراء المحاكمات عن بعد في الفترة اللاحقة للجائحة.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا اليوم الدراسي تميز كذلك بمشاركة السيد الحسن الداكي، الوكيل العام للملك رئيس النيابة العامة والسيد محمد صالح التامك، المندوب العام للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ورئيس جمعية هيئات المحامين بالمغرب، النقيب عبد الواحد الانصاري، كما عرف مشاركة السيدة السعدية وضاح، رئيسة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الدار البيضاء-سطات وممثلين عن بعض الجمعيات المهنية والحقوقية.