نشر في

"إن موضوع العدالة الجنائية بارتباط مع التطور الرقمي يكتسي أهمية بالغة من خلال ثلاثة وجوه أساسية، تتمثل في: كون العدالة الجنائية وما يعتمل فيها ويتفاعل داخلها تقع، بحكم رهان الحقوق والحريات، في قلب منظومة العدالة، وأن المجال الرقمي بات يحتل مكانة مركزية في المجتمعات الديمقراطية، فضلا على أن المزاوجة بين منظومة العدالة والمنظومة الرقمية أصبح أمرا حتميا"، هذا ما أكده المجلس الوطني لحقوق الإنسان خلال فعاليات الندوة العلمية الدولية عن بعد حول موضوع «العدالة الجنائية في ظل التطور الرقمي: التحديات والانتظارات»، المنظمة يوم الجمعة 17 يوليوز 2020.

وقد أبرز المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي كان ممثلا بالسيد المصطفى الناوي، مدير الدراسات والأبحاث بالمجلس، خلال هذه الندوة العلمية الدولية عن بعد، المنظمة من طرف كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، "أن الانخراط في العدالة الرقمية يتطلب بالضرورة إعادة التفكير والسؤال في وظيفة العدالة وتنظيمها ودورها وتجديدها باستمرار (…) ويقتضي تطوير كفاءات المعنيين ومهاراتهم باستمرار (…) “. كما أن التحول الرقمي يشكل فرصة ويوفر إمكانيات لتحسين جودة المؤسسات ونجاعتها وأدائها، ويفرز، في نفس الوقت، تحديات كبيرة بالنسبة للمؤسسات القضائية.

وفي نفس السياق، أضاف ممثل المجلس أن” الرقمنة المتزايدة تقوي الحقوق والحريات (حرية التعبير والرأي، حرية المقاولة.) وتضعف أو، على الأقل، تهدد أخرى (الحق في الحياة الخاصة، الحق في الأمن والأمان، الحق في النسيان…) “. مبرزا أن تطوير الرقمنة في مجال العدالة "يثير إشكالات حقيقية بالنسبة لمهنيي العدالة ككل كما بالنسبة للمتقاضين أنفسهم، وتزداد هذه الإشكالات استعصاء عندما يتعلق الأمر بعدالة جنائية تنظر جوهريا في حقوق أساسية من قبيل الحق في الحياة والحق في السلامة البدنية والنفسية والحق في محاكمة عادلة... ويلعب فيها القاضي واستقلاله وتجرده وقناعته، وتفاعل الأطراف دورا أساسيا“.

وفي هذا الإطار، أكد السيد الناوي أن الانخراط السلس والسليم للعدالة الجنائية في مسار التحول الرقمي لا بد أن يتلازم ويتزامن، من زاوية المقاربة الحقوقية، مع أمور أساسية، نذكر منها:

  • تعديل القانون الجنائي الحالي من خلال إعادة النظر، بكيفية جوهرية، في بنيته وفلسفته ولغته ومضامينه؛
  • تعديل قانون المسطرة الجنائية بما يحقق التوازن بين الدفاع والاتهام، ويقوي قضاء التحقيق ودوره، ويعزز ضمانات المحاكمة العادلة…؛
  • النشر الاستباقي المنهجي، عبر الانترنيت وغيره من الوسائل المتاحة، للمعلومات القانونية والقضائية تحقيقا للشفافية وتطبيقا لمقتضيات القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات؛
  • إقرار برامج للتكوين وتقوية القدرات لفائدة مختلف مهنيي العدالة وبرامج التحسيس للمواطنات والمواطنين مع أخذ الأبعاد الترابية والمجالية بعين الاعتبار وتفعيلها وإشراك مختلف الفاعلين والمتدخلين وفعاليات المجتمع المدني فيه؛
  • تبني طرق ومناهج جديدة لتدبير الموارد البشرية اعتبارا لما هو منتظر منها على ضوء هذا التحول، وقطعا مع بعض الترسبات السلبية؛
  • إحداث أجهزة جديدة للضبط والمراقبة والتقييم المستمر؛
  • الانفتاح على مسارات التربية والتعليم ووسائل التثقيف، تمكينا للساكنة واتقاء لكل إقصاء ووصم.؛
  • ملاءمة الترسانة القانونية بكاملها مع هذا التحول، مع ما يقتضيه ذلك في غالب الأحيان من إعادة صياغة بعض النصوص القانونية.

تجدر الإشارة أن هذه الندوة العلمية نظمت بشراكة مع شعبة القانون الخاص، مختبر (ESSOR) القانون والفلسفة والمجتمع  وماستر العدالة الجنائية والعلوم الجنائية بنفس الكلية، وبتعاون مع المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي للشرق الأوسط وشمال افريقيا، وحدة القانون الجنائي بالمركز الوطني للدراسات القانونية بالرباط، والمركز المتوسطي للدراسات القانونية والقضائية بطنجة.

 

أعلى الصفحة

 

اقرأ المزيد