"الشراكة بين الشمال والجنوب لا ينبغي أن تقوم على التعاون بين الشركاء فحسب، بل ينبغي لها أن تقوم على التزام ومسؤولية مشتركة، لجعل القيم والمبادئ العالمية لحقوق الإنسان محركا أساسيا للتنمية".
جاء ذلك خلال مداخلة للسيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في واحدة من الجلسات الرئيسية بالمؤتمر السنوي لبرنامج تكوين المختصين في القانون في مجال حقوق الإنسان (HELP) بمجلس أوروبا بستراسبورغ (30 يونيو- فاتح يوليوز 2022)، تمحورت حول التعاون وسياسة الجوار الأوروبية (بجنوب الموسط)، في أول أيام المؤتمر.
التحديات التي نواجهها في الوقت الراهن، تضيف رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان "تفرض علينا التفكير في نماذج جديدة لعلاقات التعاون والشراكة، كعلاقة ترابط قوية، ليس على المستوى الاقتصادي والسياسي فحسب بل من خلال اعتماد الآليات الممكنة أثناء اتخاذ القرار قصد حماية كرامة الأفراد وتعزيز رفاهيتهم، على اعتبار أن المواطن/الإنسان فاعل ومستفيد من التنمية."
في نفس السياق، شددت السيدة آمنة بوعياش، على أن التنمية المستدامة والشاملة، مع ما تستدعيه من إصلاحات سياسية، اقتصادية، اجتماعية ومؤسساتية، تحتاج إلى إمكانات ديمقراطية للاضطلاع بمسؤولياتها، مشيرة أن الوعي بوجود علاقة ترابط مشروطة بين حقوق الإنسان والتنمية هو نتاج مسار طويل من العمل المستمر. وفي ذات السياق، أبرزت بأن مفهوم التنمية اقتصر في ارتباطه، في بعده الاقتصادي وحقوق الإنسان، فقط بالبعد المعياري ولم يتم اعتماد مبادئ حقوق الإنسان ضمن الاستراتيجيات التنموية وسياسات التعاون إلا في السنوات الأخيرة.
السيدة بوعياش دعت إلى ضرورة تطوير منظور شراكة شمال-جنوب يخدم الآفاق التنموية؛ الاندماج؛ المساواة بين الجنسين؛ تكافؤ الفرص؛ تقبل الاختلاف واحترام الحريات الأساسية، إلخ.
ارتباطا بالتحديات الراهنة، جددت السيدة بوعياش تأكيدها على أن المجال المتوسطي والعالمي يتعرض بشكل خطير لتحديات واقعية وافتراضية خاصة خلال فترة الجائحة، مشددة على ضرورة إجراء تقييم منتظم وشفاف لقياس الهوة بين النتائج المحققة والأهداف المسطرة والتطلعات المرجوة، لاسيما بسبب ضعف الحصانة من الأزمات والانتكاسات كما هو الحال خلال فترة الجائحة أو عند التعامل مع مختلف القضايا المتعلقة بالهجرة ومصير اللاجئين.
بخصوص حرية التعبير، أوضحت السيدة بوعياش أنه بقدر ما يتخذ الفاعلون الرقميون من الفضاء الرقمي فضاء لحرية التعبير والرأي، بقدر ما يشكل هذا الفضاء منصة لنشر خطاب الكراهية والتطرف والتحريض على العنف. مبرزة في هذا الصدد أنه بات من المناسب تكييف الآليات المتاحة لمواجهة هذا الوضع في الفضاء الرقمي، خالصة أن ثقافة حقوق الإنسان يقوضها انتشار الأخبار الزائفة في هذا الفضاء، كما يساؤلنا في سياقات متصلة، تقول رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، اعتماد اتخاذ القرار، بشكل متزايد، على خوارزميات الذكاء الاصطناعي على مستوى النقاش والتشاور وتبادل الآراء والتأثيرات المحتملة لذلك على حقوق الإنسان.
تجدر الإشارة إلى البرنامج الأوروبي لتكوين المختصين في القانون في مجال حقوق الإنسان (HELP) يهدف إلى تحسين فهم معايير حقوق الإنسان من قبل المهنيين القانونيين وأعضاء هيئات الحكامة في عدد من الموضوعات الرئيسية ضمن أجندة الإصلاح الوطنية، كما يندرج هذا البرنامج ضمن تفعيل الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان (CEDH) على المستويات الوطنية من خلال تنظيم دورات تكوينية حول آليات النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها. في مداخلتها ذكرت السيدة بوعياش بتسجيل المجلس الإيجابي لأهمية هذا البرنامج، لا سيما فيما يتعلق برفع القدرات في مجالات المساواة بين الجنسين ومكافحة العنف ضد المرأة وكذلك مكافحة خطاب الكراهية والتحريض على العنف...