"نريد أطفالا يشاركون معنا مواقفهم وملاحظاتهم ويقررون مصيرهم بأنفسهم، كيفما كانت ظروفهم ووضعيتهم، لكونهم ضمن جزء من اختيارات هذا البلد في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان".
جاء ذلك في كلمة السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يومه الجمعة 3 فبراير 2023 بمقر مجلس جهة كلميم واد نون، خلال إطلاق مشاورات جهوية مع الأطفال في أفق مأسسة مبدأ المشاركة للأطفال، والتي سيتم تنظيمها من قبل اللجن الجهوية لحقوق الإنسان على امتداد سنة 2023.
وأشارت السيدة بوعياش، خلال الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء، الذي حضرته السيدة مباركة بوعيدة، رئيسة المجلس الجهوي لجهة كليم واد-نون، إلى أن اختيار جهة كلميم واد-نون لإطلاق هذه الاستشارات يعود للدور الهام الذي لعبته هذه المنطقة في ربط الشمال بالجنوب، باعتبارها ملتقى لمختلف روافد الهوية الثقافية والتاريخية لبلادنا. مبرزة أن المجلس يسعى من خلال هذه الاستشارات إلى العمل على مأسسة مبدأ المشاركة على المستوى الوطني على المدى المتوسط، لتصبح منظمة بنصوص لها قوة قانونية أو من خلال مساطر إدارية.
وفي حديثها عن أهمية هذه الاستشارات، أبرزت السيدة بوعياش أن هذه المبادرة تشكل فرصة للتفاعل المباشر مع الأطفال حول مواضيع تهمهم وكيفية تعبيرهم عن ضمان حقوقهم ومشاركة مواقفهم، من قبيل موضوع تزويج الطفلات، مضيفة أن "الأطفال سيساهمون معنا في تطوير عناصر ترافعنا لإلغاء تزويج القاصرات، على اعتبار أن الطفل شريك وفاعل أساسي في صياغة المنظومة الحمائية الوطنية وليس مجرد مستفيد من خدماتها، كما نعتقد أحيانا.
وفي هذا الإطار، تفاعلت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان مع الأطفال في جلسة تفاعلية عامة، تم خلالها الاستماع لتطلعات واهتمامات الأطفال، والتعريف بمهام المجلس في مجال الحماية والنهوض بحقوق الطفل، من خلال إبراز مجالات تدخله ومهام الآلية الوطنية لحماية حقوق الطفل ضحايا انتهاكات حقوق الطفل.
ومن جهتها، أبرزت السيدة مباركة بوعيدة أن "الطفل أساس بناء كل مجتمع والأجيال الصاعدة لها كل الإمكانيات والوسائل لذلك عبر اكتساب لغات الرأي والتعبير واتخاذ القرار، النقد الذاتي، المساءلة والتفاوض، الانفتاح والاختلاف، إلخ". مؤكدة على أن المغرب، رغم الازمات والتحديات التي يعرفها العالم، ماض قدما في مسار النهوض بحقوق الإنسان عبر تحصين المكتسبات وتعزيزها، مشيدة بما تقوم به المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في هذا الإطار".
ويروم المجلس الوطني لحقوق الإنسان من خلال هذه الاستشارات تمكين الأطفال من تقييم المنظومة الوطنية المتعلقة بإعمال "اتفاقية حقوق الطفل" من قبل الجهات الوطنية المختصة؛ وهي عملية ستتوج بإعداد تقرير مستقل سيُعرض على "لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل"، في إطار التقرير الدوري للمملكة المغربية.
وبعد أن تم تخصيص شهر يناير الجاري للتحضير لهذه المشاورات الجهوية، وتنظيم ورشة تدريبية لفائدة ممثلي اللجن الجهوية (نقط الارتكاز) وفعاليات المجتمع المدني حول "آليات قيادة الاستشارات مع الأطفال" قبيل هذا اللقاء، انطلقت هذه الاستشارات من جهة كلميم واد-نون عبر تنظيم ثلاث ورشات تفاعلية مع الأطفال: "ورشة الحماية والتدابير الوقائية الخاصة"؛ "ورشة السياسات العمومية (التربية، الصحة، العدالة)"؛ "وورشة الولوج إلى المعلومة والمشاركة". وستستمر اللقاءات التشاورية مع الأطفال على امتداد السنة بكل من مدن طنجة وفاس ومراكش وأكادير والدار البيضاء والرباط. لتتواصل بمدن الراشيدية وبني ملال ووجدة والعيون والداخلة.
وتميز هذا اللقاء، الذي حضرته فعاليات مؤسساتية ومدنية وحقوقية، بقراءة الفاتحة ترحما على روح الفقيد عبد القادر أزريع، مستشار لدى رئيسة المجلس، مكلف بالعلاقات مع البرلمان والوساطة، برلماني سابق وفاعل حقوقي ونقابي ومدني واجتماعي…
وتجدر الإشارة إلى أن رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان أطلقت في نونبر 2022 بمركز حماية الطفولة عبد السلام بناني، الحملة الوطنية «أنا من يقرر مصيري»، على هامش اليوم العالمي لحقوق الطفل، من أجل مأسسة مبدأ المشاركة الذي يعد أحد المبادئ الأساسية لـــ"اتفاقية حقوق الطفل".