نشر في

شارك المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يوم الجمعة 16 غشت 2024، في ندوة وطنية حول "تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية بين الواقع والمأمول"، والمنظمة في إطار فعاليات مهرجان "تيفاوين لفنون القرية"، الذي احتضنته مدينة تافراوت في الفترة الممتدة ما بين 15 و18 غشت الجاري. 

وبهذه المناسبة، أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان في كلمة تلاها السيد محمد المعين، إطار مكلف بالتحرير باللغة الأمازيغية بالمجلس، التزامه الراسخ بالنهوض بالحقوق اللغوية والثقافية، مؤكدا أهمية النقاش حول تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية وإدماجها في مجالات التعليم والحياة العامة، مستحضرا ما جاء في مقال السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، حول مسار مأسسة اللغة الأمازيغية بالمغرب، والمعنون "خمس محطات رئيسية تبلورت خلالها قرارات سيادية لمأسسة لغتنا الأمازيغية الرسمية وثقافتها".

وأوضحت السيدة بوعياش ضمن هذا المقال أن الاعتزاز بالثقافة واللغة الأمازيغية يشكل جزء لا يتجزأ من مسار ترسيخ حقوق الإنسان في المغرب، مشيرة إلى أن هذا المسار يتكامل مع رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز الهوية المغربية المتعددة المكونات والروافد. مبرزة أن اللغة الأمازيغية تمتد جذورها في كل مناطق المغرب، وأن الثقافة الأمازيغية لطالما كانت محورا للاحتفاء على المستويين الوطني والإقليمي.

واعتبرت السيدة آمنة بوعياش أن ما يميز هذا المسار الجديد، هو اكتساب الأمازيغية وثقافتها طابعا مؤسساتيا بارزا، في الدولة والمجتمع، عبر خمس محطات رئيسية، ينبني بعضها على بعض، حددتها السيدة الرئيسة في ما يلي: 

المحطة الأولى:  تجلت في الخطاب الملكي التاريخي بأجدير في 17 أكتوبر 2001، والذي شكل نقطة تحول حاسمة في مأسسة الأمازيغية كمكون أساسي للهوية المغربية. هذا الخطاب أعقبته مبادرات عديدة، أبرزها إنشاء المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، ليكون مؤسسة مكرسة لتطوير وحماية هذه اللغة وثقافتها.

المحطة الثانية:  شهدت تطورا ملحوظا في البحث الأكاديمي حول الأمازيغية، مما أسهم في انتقال الأمازيغية من مرحلة الاعتراف بها كلغة وطنية إلى مرحلة استخدامها كلغة تعليم وتأليف وتداول بحروف تيفيناغ، وإدماجها في المنظومة التعليمية منذ سنة 2003.

المحطة الثالثة:  تميزت بالإقرار الدستوري في سنة 2011، والذي جعل من الأمازيغية لغة رسمية للدولة والمجتمع إلى جانب اللغة العربية، مما عزز التزام المغرب بتعزيز تنوعه الثقافي واللغوي.

المحطة الرابعة:  تمثلت في التفعيل التشريعي بإصدار القانون التنظيمي رقم 26.16 في سنة 2019، المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية وإدماجها في مجالات التعليم والحياة العامة.

المحطة الخامسة :  شهدت إقرار جلالة الملك رأس السنة الأمازيغية كعيد وطني ويوم عطلة رسمية، خطوة كبيرة نحو تعزيز مأسسة الثقافة الأمازيغية والاعتراف بها كجزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية.
 

 

وأشارت السيدة آمنة بوعياش في مقالها إلى أن هناك تفاوتا في وتيرة تنفيذ السياسات المتعلقة بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية بين القطاعات المختلفة، مبرزة أن التحدي الأكبر يتمثل في ضمان التنفيذ الفعلي للسياسات والمبادرات، خصوصا في ما يتعلق بتوفير الموارد البشرية والمالية اللازمة لتدريس الأمازيغية واستخدامها في مختلف مجالات الحياة العامة، مضيفة أن استخدام اللغة الأمازيغية في مجالات الاستعمال اليومي ذات الأولوية سيمكن لا محالة من تسريع وتيرة التفعيل الرسمي والفعلي وضمان فعلية تمتع المغاربة بحقوقهم اللغوية والثقافية كاملة.

كما استعرض المجلس خلال هذه الندوة المجهودات المبذولة في مجال إعمال الطابع الرسمي للغة الأمازيغية وكذا التحديات التي لازالت تحول دون ذلك والتي تطرق إليها في تقريره السنوي لسنة 2023. 

وترصيدا للمكتسبات المحققة في مجال تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، ذكر المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالتوصيات التي جاءت في التقارير السنوية للمجلس والتي تهم أساسا تنزيل توصيات التقرير الخاص بالنموذج التنموي الجديد الذي بين أهمية الثقافة في التنمية الشاملة؛ أجرأة المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية؛ مواصلة تعزيز الجهود الرامية إلى ترسيم اللغة الأمازيغية في مختلف المجالات؛ إعطاء الأولوية القصوى لإدماج الأمازيغية في أسلاك التعليم الأساسي وفي المجالات ذات الأولوية في الحياة العامة من إدارات ومرافق عامة؛ تعزيز حضور اللغة الأمازيغية في المؤسسات الإعلامية العمومية والخاصة؛ إلخ.

اقرأ المزيد