انطلقت صباح يومه الثلاثاء 20 شتنبر 2022 بالمعهد الملكي للشرطة أشغال الندوة الدولية المنظمة من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمديرية العامة للأمن الوطني حول "المعايير والممارسات المتعلقة بالوقاية من التعذيب وغيره من ضروب العقوبة أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة أثناء الإيقاف والاستماع والحراسة النظرية".
ويأتي تنظيم هذه الندوة في إطار الإطلاق الفعلي لبرنامج اتفاقية التعاون بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمديرية العامة للأمن الوطني، الموقعة بين السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والسيد عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني، يوم الأربعاء 14 شتنبر 2022 بالرباط والتي تسعى إلى النهوض بثقافة حقوق الإنسان في مناهج التدريب والتكوين الشرطي وجعلها مرجعا ودليلا مؤطرا لمهام موظفي الأمن الوطني المكلفين بإنفاذ القوانين.
تميزت الجلسة الافتتاحية لهذا اللقاء، الذي يسر أشغاله السيد أحمد حرزني، السفير المتجول المكلف بحقوق الإنسان، الرئيس السابق للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، بمشاركة السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، - السيد محمد الدخيسي، مدير الشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني، السيد مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض ورئيس النيابة العامة، وممثلة المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
ويسعى الشركاء من خلال تنظيم هذه الندوة الدولية، التي تتميز بمشاركة فاعلين وخبراء وطنيين ودوليين، إلى تسليط الضوء على الممارسات الفضلى في مجال تنفيذ الضمانات القانونية والإجرائية الفعالة للوقاية من التعذيب، فضلا عن مناقشة الضمانات القانونية والقضائية لمنع التعذيب على الصعيدين الوطني والدولي؛ والتحسيس بدور آليات الرصد والتشكي وتقاسم ممارساتها الفضلى ذات الصلة بالتسيير والمتابعة.
وبهذه المناسبة، أبرزت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيدة آمنة بوعياش أن "الشراكة بين المجلس والمديرية العامة للأمن الوطني شراكة ذات دلالة رمزية كبيرة وعمق حقوقي غير مسبوق، فهي تشكل استراتيجية متكاملة تتجاوز حدود العمل المؤسساتي وتقترح مبادرات تطوير ممارسات إعمال معايير حقوق الإنسان وحفظ الكرامة الإنسانية بأماكن الحرمان من الحرية التابعة للأمن الوطني".
واعتبرت السيدة بوعياش أن التدريب وتوطيد احترام حقوق الإنسان في الوظيفة الأمنية هو قطب الرحى في التمتع بالحقوق وباروميتر ذا مصداقية عالية لتقييم مدى احترام حقوق الإنسان على مستوى الدول، خاصة وأن "الأمن في خدمة المواطن وهو بذلك، فاعل حقوقي في أصعب ظروف المواطن، خلال حرمانه من حريته".
وفيما يتعلق بإحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، أكدت رئيسة المجلس أنه شكل لحظة فارقة في مسار بناء دولة القانون، ولبنة أساسية في جهود تعزيز ضمانات احترام حقوق الإنسان وتفعيل خارطة الطريق الحقوقية التي أرساها دستور 2011، باعتبارها تأكيدا على القطع مع مرحلة الانتهاكات، وضمان قواعد دولة الحق والقانون داخل مراكز الحرمان من الحرية.
ولم يفت رئيسة المجلس خلال هذه الجلسة التنويه بحصيلة عمل الآلية التي وصفتها بالإيجابية والمشجعة، خاصة وأنها سجلت نسبة تتراوح ما بين 80 و90 بالمئة، من حيث تفاعل، إدارة السجون أو مديرية الأمن الوطني أو الدرك الملكي مع توصياتها، مذكرة بأن الآلية بصدد تحضير زيارات التتبع لعدد من المحاكم والمطارات ومستشفيات الأمراض العقلية لتقيس مدى إعمال توصياتها، حيث تصبو خلال السنتين المقبلتين الى رفع عدد زياراتها إلى 100 زيارة خلال سنة 2024.
وهذه النتائج، تضيف رئيسة المجلس، تشكل حافزا من أجل المضي قدما وبشكل لا رجعة فيه في القضاء على كل ما من شأنه أن يمس بكرامة الإنسان، خاصة و"أننا نصبو إلى تحقيق صفر تسامح مع التعذيب أو المعاملة القاسية والمهينة والحاطة بكرامة أي فرد، كهدف أسمى".
ومن جانبه، أشاد السيد عبد اللطيف حموشي، المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني في كلمة ألقاها بالنيابة عنه السيد محمد الدخيسي، مدير الشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني، أن إحداث "الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب" المنصوص عليها في الجزء الرابع من البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب، تشكل مرحلة مهمة نحو إعمال الالتزامات الدولية والدستورية للمغرب.
مضيفا أن مبادرة تنظيم هذا الملتقى العلمي تصب في الرغبة الأكيدة في تعبئة وتنسيق الجهود في إطار الشراكة الفاعلة للوقاية من التعذيب بكافة أشكاله، والذي تنبذه كافة الديانات السماوية وتجرمه القوانين الوطنية وتدينه المرجعيات الحقوقية الكونية.
وأكد السيد الداكي، أنه في إطار الأبحاث التي تقوم بها النيابة العامة بخصوص ادعاءات التعذيب فقد لوحظ أن عدد الشكايات المقدمة أمامها قد عرف انخفاضا خلال السنوات الثلاث الأخيرة؛ حيث سجلت خلال سنة 2020 إحدى وعشرين شكاية تتعلق بادعاءات التعذيب، ونفس العدد تم تسجيله خلال سنة 2021؛ في حين انخفض هذا العدد إلى 7 شكايات فقط خلال الفترة الممتدة من فاتح يناير 2022 إلى غاية متم شهر غشت من السنة نفسها، تم فتح أبحاث قضائية بشأنها واتخاذ القرارات الملائمة على ضوء ذلك".
يذكر أن هذه الندوة الدولية، التي ينكب المشاركون خلالها على تدارس الضمانات القانونية والقضائية للوقاية من التعذيب وآليات وإجراءات الوقاية من التعذيب، تشهد مشاركة خبراء وطنيين ودوليين وممثلين عن المديرية العامة للأمن الوطني والدرك الملكي والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة ووزارة العدل ومنظمات المجتمع المدني والجامعات والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والآليات الوطنية للوقاية من التعذيب، إلخ.