أكد تقرير المجلس السنوي 2020، الذي قدمته رئيسة المجلس، السيدة آمنة بوعياش، يوم الخميس 06 ماي 2021، المعنون "كوفيد-19: وضع استثنائي وتمرين حقوقي جديد"، ضمن محوره الثاني المخصص لوضعية حقوق الإنسان وتأثرها بجائحة كوفيد-19، على الوعي بأن اتخاذ التدابير الاحترازية في إطار حالة الطوارئ الصحية من طرف السلطات يتطلب تقييد مجموعة من الحقوق والحريات الأساسية، ومنها أساسا حرية التنقل.
وأشار المجلس في تقريره أن الحق في حرية التنقل مكفولة بالقانون الدولي والوطني، هذا الأخير الذي يسمح بفرض بعض القيود على هذا الحق، بما في ذلك لأسباب تتعلق بالأمن والطوارئ، مؤكدا أن هذه القيود يجب أن تكون ضرورية ومتناسبة وغير تمييزية.
وقد أوصى المجلس بإخضاع التدابير المتخذة لتقييد حرية التنقل لمبادئ الضرورة والتناسب وعدم التمييز، وعلى اتخاذ التدابير اللازمة لضمان هذا الحق قدر الإمكان خلال فترة الأزمات.
وحرصا منه على ضمان التمتع بالحق في حرية التنقل، أوصى المجلس بالنسبة للمخالفات والعقوبات، بتدقيق عناصر جريمة خرق الطوارئ الصحية واعتماد مبدأ تدرج العقوبة في جريمة خرق الطوارئ الصحية، مراجعة المقتضيات الزجرية الواردة في بعض النصوص الخاصة ومنح السلطات المكلفة بإنفاذ القانون صلاحية الاستخلاص الفوري لمبالغ الغرامات المقررة لجريمة خرق الطوارئ الصحية.
حالات وأرقام
سجل التقرير أن المغرب كما باقي الدول عمل على تقييد هذا الحق، بل ومنعه إلا برخص استثنائية ولأغراض محددة. مشيرا أن هذه الإجراءات التقييدية خلفت تأثيرا على الوظائف وسبل العيش والحصول على الخدمات الاجتماعية والتعليم. وعلى هذا الأساس، خلص المجلس إلى أن هذا الحق يعتبر مدخلا أساسيا للتمتع بالعديد من الحقوق الأخرى.
وفي هذا الإطار، أشار المجلس، في سياق تدبير حالة الطوارئ الصحية، إلى أن السلطات قررت تعليق الربط الجوي والبحري بشكل تدريجي، مما قيد حق الأفراد في التجول ومغادرة التراب الوطني والدخول إليه، كما أعلنت الحكومة الحظر على جميع وسائل النقل والتنقل غير الضرورية في جميع أنحاء البلاد وتقييد الحق في التجول وحرية الحركة إلا للحالات الاستثنائية والضرورية، حيث ناهز عدد الرخص الموزعة ثمانية ملايين و 800 ألف وثيقة، فيما تم توزيع حوالي 247 ألف رخصة لأسباب اقتصادية ومهنية، وكذلك 194 ألف رخصة لأسباب إنسانية.
وفي مقابل ذلك، يشير التقرير، أنه تم فرض جزاءات على المخالفين لهذه الإجراءات، حيث تم إيقاف 365176 شخصا مخالفا لإجراءات الحجر الصحي منذ دخول حالة الطوارئ الصحية حيز التنفيذ، من بينهم 13278 امرأة و 8473 قاصرا وتمت إحالة 144824 شخصا على العدالة من بين إجمالي الموقوفين.
وأوضح المجلس أن غالبية حالات خرق الطوارئ الصحية تمثلت في عدم الامتثال وخرق إجراءات حالة الطوارئ، وعدم تنفيذ أشغال أمرت بها السلطات العامة، والتجمهر والعصيان والتحريض عليهما، وعدم الالتزام بالتقييدات الخاصة بالتنقل الاستثنائي وعدم حمل الوثيقة الرسمية المبررة لذلك، وهو ما يعني أن أسباب التوقيف منها ما يرجع إلى مخالفة المرسوم بقانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية، ومنها ما يرجع إلى مخالفة بعض فصول القانون الجنائي أو نصوص أخرى كما أن عددا من الأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية تم تنزيلها بشكل فوري، كما هو الشأن بالنسبة لقرار إلزامية وضع الكمامات.
وخلص المجلس كذلك إلى أن نسبة المتابعة في حالة اعتقال أثناء فترة الطوارئ الصحية تبقى ضعيفة بالنظر إلى نسبة عدد الأشخاص المقدمين إلى النيابة العامة الموضوعين رهن الحراسة النظرية، كما لاحظ المجلس أن الأشخاص الذين أحيلوا في حالة اعتقال للمحاكمة، يمثلون أمام القضاء داخل الأجل القانوني المحدد للمحاكمات في حالة اعتقال. ويعتبر المجلس، وفقا للضمانات المسطرية المناسبة، أن توقيف أفراد ومتابعتهم بموجب مخالفتهم لإجراءات حالة الطوارئ في الفترة الممتدة بين 21 و24 مارس 2020 أو تكييف المتابعات بموجب قوانين أخرى تعد مخالفة لأحكام الدستور ولمقتضيات العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. كما خلص إلى المرسوم بقانون المتعلق بحالة الطوارئ الصحية، والذي من شأنه أن يقلص من اللجوء الى اتخاذ قرارات سالبة للحرية، شابته عدة مخالفات رغم تعديله بالمرسوم بقانون رقم 2.20.503 (إشكال حول وصف الفعل الجنحي أو المخالفة، التدرج في العقوبة، وضع المخالفين رهن الحراسة النظرية، تحرير المخالفات، التلبس، إلخ).
وسجل المجلس، في إطار رصده للحق في حرية التنقل، إطلاق السلطات المغربية برنامجا استثنائيا لترحيل مواطنين مغاربة خارج التراب الوطني، ظلوا عالقين خلال فترة الحجر الصحي وتقييد الحق في حرية التنقل وإغلاق المجال الجوي والبحري، لكنه سجل في نفس الوقت التأخر الكبير في اتخاذ هذا القرار خاصة وأن مجموعة من المغاربة لم تكن لديهم الإمكانيات الكافية للمكوث خارج بلادهم، مضيفا أن عملية تدبير رحلات العودة إلى الوطن عرفت إلغاء بعض الرحلات المبرمجة دون سابق إخطار. وفي ذات السياق، أشار المجلس أيضا إلى أن عشرات المغاربة من حاملي الجنسية المزدوجة ظلوا عالقين في المغرب لعدة أسابيع رفضت السلطات المغربية استفادة مزدوجي الجنسية من هذه الرحلات، وهو ما يعتبر بمثابة تمييز في حقهم.
وأبرز المجلس أن تقييد الحق في حرية التنقل ساهم في التأثير على القطاع الاقتصادي، خاصة القطاع السياحي الذي تضرر بشكل كبير بفعل إغلاق المجال الجوي والبحري.