نشر في

توج الملتقى الوطني حول تزويج القاصرات، الذي نظمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومجلس أوربا، يوم الجمعة 22 مارس 2019 بالرباط، باعتماد عدد مهم من التوصيات أكد من خلالها المشاركون على ضرورة اتخاذ مبادرة تشريعية رامية إلى إلغاء الاستثناء وبالتالي حذف المادتين 20 و21 من مدونة الأسرة، الحرص على إعمال مبدأي العناية الواجبة والمصلحة الفضلى للطفل مع اعتبار زواج الطفلات ضربا من ضروب العنف والتمييز، مع التذكير بالحاجة الملحة إلى استحضار مقتضيات دستور 2011 الذي حرص على تكريس الحقوق والحريات وإقرار مبدأ المساواة ونبذ التمييز مهما كانت مبرراته أو أشكاله مع إقرار سمو الاتفاقيات الدولية المصادق عليها على التشريع الوطني وإلى استحضار الالتزامات الدولية لبلادنا.

هذا وأكد المشاركون على ضرورة تفعيل مقتضيات التشريع الجنائي في مواجهة أي تحايل أو التفاف على مقتضيات مدونة الأسرة ذات الصلة بسن الأهلية للزواج مع تجريم زواج الأطفال والطفلات دون الثامنة عشرة وتفعيل دور النيابة العامة في هذا المضمار، الخ. 

يذكر أن تنظيم هذا الملتقى، المنظم بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، جاء لتحصيل مخرجات الحملة الوطنية لمناهضة تزويج القاصرات التي أطلقها المجلس، ابتداء من 6 مارس 2019، من خلال لجانه الجهوية الثلاثة عشر والتي تميزت بتنظيم أزيد من 30 نشاطا على المستوى الجهوي، وكذا الانفتاح على ديناميات فاعلة في المجال في أفق بلورة مذكرة حول تزويج القاصرات والتعبئة حولها.

وفي هذا السياق، ذكرت السيدة أمنة بوعياش، في كلمة ألقتها خلال افتتاح أشغال هذا اللقاء، "أن الحملة الوطنية لمناهضة تزويج القاصرات التي أطلقها المجلس قد عرفت تنظيم أكثر من 30 نشاطا حقوقيا، ومشاركة أكثر من 1000 مستفيدة ومستفيد من قطاعات حكومية مختلفة ومحامون وقضاة وطلبة وطالبات وصحافيون... في 27 إقليم وعمالة".

مضيفة أن تنظيم حملة "تزويج القاصرات: إلغاء الاستثناء...تثبيت القاعدة القانونية"، اعتمدت على اعتبارات متعددة وشعارها يعكس هذه الاعتبارات منها اختصاصات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الاعتبارات الدستورية، الاعتبارات التشريعية والالتزامات الدولية للمملكة.

وشددت رئيسة المجلس على أن "هذه الاعتبارات هي الإطار المرجعي لحملتنا والتي تقودنا للمطالبة بإلغاء الاستثناء على أساس أن القانون الاسمى والتشريعات التي تمت المصادقة عليها أو التزاماتنا الدولية هي غير متوافقة مع عدد من مقتضيات مدونة الأسرة  ومع المبادئ القانونية المعتمدة بتطبيق المقتضيات القانونية الأكثر حماية  للأفراد وأن القانون اللاحق يقيد النص السابق وأن القانون الأسمى يقيد القوانين الأخرى". 

photo_carrousel_mineures_22_mars_2019
وأبرزت السيدة بوعياش في ختام كلمتها أنه "إذا كان بعض المتدخلين ينتقصون من حجم ظاهرة تزويج القاصرات بتحديد نسبتها في 11 في المائة من مجموع الزيجات، فإن تطبيق الفصل 16 و20 و21 من مدونة الأسرة، تبعا لما رصدته المفوضية السامية للتخطيط، يبين أن ثلث الفتيات القاصرات المتزوجات لديهن على الأقل طفل، وهذا ما يغير دلالة النسبة بشكل كبير. ذلك أن الجمع بين كل هذه العناصر يرفع بالتأكيد من نسبة تزويج القاصرات إلى حوالي 20% من الزيجات بالمغرب."

تميزت الجلسة الافتتاحية لهذا الملتقى، التي سيرت أشغالها السيدة نجاة امجيد، خبيرة باللجنة الاستشارية للمجتمع المدني حول الوقاية من الاستغلال والاعتداء الجنسيين، بتدخلات كل من السيد محمد أوجار، وزير العدل، السيد أحمد شوقي بنيوب، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، السيد خوصي لويس هيريرو أنسولا، رئيس مكتب مجلس أوربا في المغرب، والسيد فيليب هولزابفيل، قائم بالأعمال بمفوضية الاتحاد الأوروبي في المغرب.

وبهذه المناسبة، سجل السيد أوجار في كلمته  "أن واقع المجتمع المغربي يشير إلى إقبال ملحوظ على تزويج الفتيات دون سن الرشد القانوني مضيفا أن حجم هذه الظاهرة الاجتماعية، التي تحضر بقوة كممارسة شائعة في بعض مناطق المملكة، يسائل الجميع."

مضيفا أن المعطيات والأرقام الإحصائية تشير إلى أن عدد عقود هذا النوع من الزواج المبرمة سنويا يظل مرتفعا بالمقارنة مع الطابع الاستثنائي لزواج القاصرات، إذ تشير الاحصائيات الرسمية المسجلة لدى وزارة العدل إلى أن عدد زيجات القاصرين بلغ سنة 2011 حوالي 39 ألف و31 عقدا بنسبة بلغت 12 بالمائة من مجموع عقود الزواج التي تم تسجيلها في السنة نفسها، غير أن هذا العدد تراجع في السنوات اللاحقة ليستقر سنة 2018 في حدود 25 ألف و514 عقدا بنسبة بلغت 9.13 بالمائة من مجموع عقود الزواج المسجلة خلال السنة نفسها.

من جانبه، هنأ أحمد شوقي بنيوب، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان المجلس على "إطلاق الحوار حول هذه الظاهرة المخيفة والمقلقة والمتصاعدة" مضيفا "نعم لإلغاء الاستثناء وتتثبيت القاعدة القانونية.. نحن مع الأغلبية والأغلبية تريد إلغاء الاستثناء".

يذكر أن هذا الملتقى  قد نظم في إطار برنامج "ضمان استدامة الحكامة الديمقراطية وحقوق الإنسان بجنوب البحر الأبيض المتوسط" (برنامج الجنوب 2018-III 2020)، الممول من طرف الاتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا.

اقرأ المزيد