أكدت السيدة آمنة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن المجلس تمكن من بناء أسس حوار مع الفاعلين والشركاء وكذا تثبيت علاقة تفاعل معهم تمكن من إيجاد حلول لمختلف المشاكل، مبرزة أن طموح المجلس هو أن يكون لمؤسسات الحرمان من الحرية "التزام إنساني برفض كل أشكال التعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة".
وأشادت السيدة آمنة بوعياش في اللقاء التواصلي الذي نظمه المجلس/الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب صباح يومه الإثنين 22 أبريل 2024 بالرباط، مع العديد من منظمات المجتمع المدني لعرض مستجدات عمل الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، بكون المغرب "نجح في القطع مع التعذيب وسوء المعاملة كممارسة منهجية في أماكن الحرمان من الحرية"، مبرزة أن الوقاية من التعذيب تعد واحدة من المسارات الناجحة لإعمال إحدى توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة المتعلقة بفتح جميع أماكن الحرمان من الحرية أمام الزيارات والمراقبة المستقلة، باعتبارها إحدى التزامات البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (OPCAT).
وفي السياق ذاته، وقفت رئيسة المجلس على دلالة ورمزية إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، مشيرة إلى أنه "لم يكن من قبيل الصدفة إعلان حصول المغرب في دجنبر 2019 على أعلى تصنيف تمنحه اللجنة الأممية المعنية بحقوق الإنسان، التي صنفت المملكة المغربية (ضمن لائحة خمس دول) في الدرجة "أ"، بناء على إعمال توصياتها. وهو تتويج جاء بفضل اعتماد المملكة، حينها، لقانون إعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الانسان وإحداثه للآلية الوطنية للوقاية من التعذيب في شتنبر 2019".
ولم يفت السيدة بوعياش التأكيد على أن الوقاية هي جوهر الفعل الحقوقي وهي "ركيزة أساس لبناء الفعل الحقوقي بأركانه الثلاث: الوقاية والحماية والنهوض، يكمل بعضها البعض ولا تلغي أهمية وأولوية كل واحدة منها أهمية وأولوية الأخرى"، لذلك، تضيف، "جعلناها جميعا في قلب استراتيجية المجلس والمقاربة التي نواصل إعمالها... من أجل تحقيق فعلية الحقوق والحريات".
من جهته استعرض الدكتور محمد بنعجيبة، منسق الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، حصيلة عمل الآلية ما بين شتنبر 2019 ودجنبر 2023 وأهم مظاهر اشتغالها وخلاصات زياراتها التي قامت بها لمختلف أماكن الحرمان من الحرية، مشيرا إلى التطور الهام في عدد الزيارات التي انتقلت من 12 سنة 2020 إلى 55 زيارة سنة 2023، وعلل ذلك بكون السنوات الأولى خصصت لتشخيص وضعية أماكن الحرمان من الحرية والتعريف بالآلية ومهامها وأهدافها وكذا العمل على خلق جو من الثقة والحوار البناء مع مسؤولي هذه الأماكن.
وفي معرض حديثه عن أهم إنجازات الآلية الوطنية، أبرز السيد بنعجيبة أن تأسيس الشبكة الإفريقية للآليات الوطنية للوقاية من التعذيب بمراكش في 24 يونيو 2023، يعد من اللحظات القوية في مسار الآلية، كما تطرق إلى أهمية برنامج تطوير القدرات في مجال الوقاية من التعذيب وللدورات التكوينية المنظمة لفائدة أعضاء وأطر الآلية وزيارات العمل التي قامت بها لآليات الوقاية من التعذيب بإيطاليا والنمسا والدانمارك وكذا زيارة مؤسسات سجنية ومستشفيات الأمراض العقلية بكوبنهاغن ولوزان وجنيف، إلخ.
كما أعلن الدكتور بنعجيبة أن عدد الزيارات التي قامت بها الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب إلى أماكن الحرمان من الحرية إلى غاية نهاية 2023 بلغ 98 زيارة، 50% منها (49) شملت أماكن الحراسة النظرية بشكل مقصود، وذلك لسببين، أولها كونها من الأماكن الأكثر عرضة للتعذيب وسوء المعاملة، وثانيهما، لأنها لم تحظ في السابق بأي زيارات. وحسب نوعية الزيارات، قامت الآلية ب82 زيارة أولية و 16 زيارة للتتبع توجت ب82 تقريرا وجهت إلى الجهات المعنية، إضافة إلى تقارير سنوية منتظمة.
وفي نفس السياق، أعلن السيد بنعجيبة عن إطلاق دراسة ميدانية موضوعاتية حول المرأة المحرومة من حريتها في ماي 2023 تهدف إلى مقابلة حوالي 2500 امرأة سجينة في 43 مؤسسة سجنية. وفي تدخلها، أوضحت الأستاذة عائشة الناصري، عضو الآلية، أن هذه الدراسة الميدانية غير المسبوقة تندرج في إطار الاهتمام الدولي بالنساء المحرومات من الحرية وكذا باختيارات المغرب ذات الصلة، وتهدف إلى رصد مدى احترام المؤسسات السجنية لحقوق السجينات وفقا لقواعد مانديلا وقواعد بانكوغ.