أكدت السيدة بوعياش أن العنف القائم على النوع يعد من بين انتهاكات حقوق الإنسان الأكثر تفشيا والأقل اعترافاً بها في العالم، حيث تتعرض واﺣﺪة ﻣﻦ كل ﺛﻼث ﻧﺴﺎء وفتاة في العالم ﻟﻠﻌﻨﻒ اﻟﺠﺴﺪي أو اﻟﺠﻨﺴﻲ خلال ﺣﻴﺎﺗﻬﻦ. فهذه الظاهرة لا تنحصر على الجوانب القانونية فقط، بل تحتاج إلى اعتماد جوانب أخرى (Extra-judiciaire) ذات الأبعاد الاجتماعية والثقافية وتلك التي تخلط بين المحظور والممكن والتقاليد الضاغطة من جهة أخرى.
جاء ذلك في إطار مشاركة رئيسة المجلس في أشغال اليوم الدراسي حول العنف القائم على النوع، المنظم تحت الرئاسة الشرفية لصاحبة السمو الملكي لالة مريم، يومه الجمعة 21 فبراير 2020، من طرف الكرسي الأكاديمي للامريم للمرأة والطفل. هذا اللقاء الدراسي تميز بحضور السيد سعيد أمزازي، وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، والسيد ادريس اعويشة،الوزير المنتدب المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي والسيد محمد الغاشي، رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط.
بعد أكثر من ربع قرن عن الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد النساء سنة 1993، الذي صنف هذا العنف باعتباره انتهاكا لحقوق الإنسان، وبعد 24 سنة من مؤتمر بيجين، تتساءل رئيسة المجلس، هل نستطيع أن نعلن أننا أحرزنا تقدما ملموسا بمؤشرات مشجعة بخصوص مناهضة العنف المبني على النوع؟.
تداولنا اليوم بهذا الخصوص، تضيف، هو جزء من تداول كوني، لم ينجح بشكل واضح في القطع مع الظاهرة التي تتقاسمها كل الدول، والتي تنامى بخصوصها الوعي، على مستوى الرصد والملاءمة والحماية والوقاية خلال العشرية الأخيرة. حيث تم اعتماد قوانين خاصة لمناهضة العنف المبني على النوع واستراتيجيات وطنية في عدد من الدول.
غير ان هذه التدابير، تؤكد، وإن تضمنت مجموعة من الأحكام القاضية بحماية السلامة الجسدية والنفسية والتمكين من سبل الانتصاف وتوفير المعرفة الكافية لضحايا العنف بحقوقهن ودعم ولوجهن إلى العدالة، إلا أنها أبانت بالملموس أن الظاهرة أكبر من أن تكون محاربتها قانونية فقط، لأنها بحاجة لاعتماد تدابير ذات أبعاد اجتماعية وثقافية، الخ.
وبالنظر لهذا الارتباط الوثيق بين العنف ومجموعة من التمفصلات الاجتماعية والثقافية، تضيف السيدة بوعياش، تأتي ضرورة الوقوف عليها ودراستها خاصة وأنها محكومة بآليات تسوية المنازعات العرفية التقليدية والوساطة التي تحول دون محاسبة الجناة وتيسر التسامح المجتمعي مع العنف، مما يجعله يأخذ أبعادا أكثر خطورة وبأشكال جديدة.
ظاهرة العنف ووسائل التواصل الاجتماعي
فيما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي، أكدت رئيسة المجلس أن الفضاء الرقمي بقدر ما يتيح من إمكانيات لمناهضة العنف المبني على النوع و أداة رئيسية لتمكين النساء...بقدر ما يسجل اجتياحه تمظهرات عنف مختلفة مبنية على النوع، حيث تعاني النساء والفتيات من الوصم والتنميط، بل في بعض أحيان أخرى المضايقة الالكترونية عن طريق الهواتف النقالة وتطبيقات الرسائل، وهو ما يكرس اللامساواة البنيوية والتمييز وما ينتج عنه من أضرار ومعاناة نفسية وجسدية وحتى اقتصادية.
لقد تعددت مجالات العنف المبني على النوع لتشمل السياقين العام والخاص وسياقات الأسرة والمجتمع ومكان العمل، والأماكن العامة والسياسة، الخ. وبالتالي يسترعي انتباهنا اليوم نوع متنامي من العنف يهم السياقات التي تستخدم فيها الوسائط التكنولوجية. فشبكات التواصل الاجتماعي أصبحت أكثر تهديدا بممارستها لأشكال عنف جديدة، وأكبر مقلص لتطور المؤشرات الإيجابية لمناهضة العنف. وهو ما يدعونا إلى بلورة مبادرات جديدة وخلاقة لمواجهة العنف الذي يتداول بالعالم الرقمي.
جدير بالتذكير أن السيدة أمينة بوعياش عضو بالمجلس العلمي للكرسي الأكاديمي لالة مريم للمرأة والطفل، إلى جانب نخبة من المثقفين ذوي الكفاءة والخبرة، حيث يختص في القضايا المتعلقة بوضعية وحقوق المرأة والطفل. تم تأسيسه تبعا لتوجيهات صاحبة السمو الملكي الاميرة للامريم سنة 2018، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة، ، بشراكة مع جامعة محمد الخامس بالرباط.
ويهدف هذا الكرسي الأكاديمي أساسا إلى التوسع في البحوث العلمية والدراسات الميدانية والتعمق في المناقشة والتحليل لإيجاد حلول واقعية للقضايا الاجتماعية ذات الصلة بالمرأة والطفل.