أكدت السيدة آمنة بوعياش أن المجلس يترافع لإلغاء الإعدام، الذي يعتبر قناعة راسخة لديه، لتلافي اعتماد عدالة انتقامية تتبنى الإعدام مقابل تبني عدالة تقدس الحق في الحياة، على اعتبار أن هذا الحق يؤسس لباقي الحقوق وبدونه لا فائدة من الترافع من أجلها، مبرزة أن الترافع له دوافع وقناعات موضوعية تؤطره بعيدا عن الشكليات.
جاء ذلك في إطار لقاء احتضنه رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمعرض الدولي للنشر والكتاب تمحورت أشغاله حول "المغرب داخل الفضاء الافريقي... من أجل إلغاء عقوبة الإعدام"، يوم الجمعة 10 يونيو 2022.
وشارك في هذا اللقاء الذي سير أشغاله السيد مصطفى نجمي، مستشار رئيسة المجلس، كل من السيد إدريسا سو، مفوض باللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، السيد عبد الرحيم الجامعي، عن الائتلاف المغربي من أجل إلغاء عقوبة الإعدام والسيد رافائيل شونيل هازان، مدير جمعية جميعا لمناهضة عقوبة الإعدام.
وأضافت السيدة بوعياش أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي لطالما ترافع ودافع عن موقفه الداعي إلى إلغاء عقوبة الإعدام، دعا الحكومة المغربية في أكثر من مناسبة إلى الانضمام للبروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام.
السيد الجامعي، من جانبه، اعتبر أن مسار المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام مسار متدرج، قوي وحاسم في النقاش العمومي، منوها بترافع المجلس الوطني لحقوق الإنسان بهذا الخصوص. واعتبر أن ارتفاع الدول التي ألغت عقوبة الإعدام وقامت بدسترة الحق في الحياة ومنع التعذيب وتجريمه في تصاعد مستمر، واصفا الإعدام بأنه صورة بشعة من صور التعذيب، وأنه يخلف المآسي لأسر المعدمين وللمجتمع. مبرزا أن معظم العقوبات لا تقلص من الجريمة، وهو ما يفسر إلغاء أكثر من 140 دولة عبر العالم لهذه العقوبة غير الرادعة.
ومن جانبه تناول السيد سو مسألة إلغاء عقوبة الإعدام بأوروبا وإفريقيا، مبرزا أن الإلغاء بأوروبا يعتبر ثمرة مجهود متواصل لقرنين من الزمن (منذ 1791)، إن على مستوى الكتابات الأدبية والثقافية أو على مستوى النقاش العمومي والمؤسساتي، إذ تم اتخاذ قرار الإلغاء بفرنسا سنة 1981، ثم برتوكول لإلغاء عقوبة الإعدام نهائيا بأوروبا سنة 2002.
وعلى مستوى إفريقيا، أوضح السيد سو أن اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب تتوفر على الميثاق الافريقي لحقوق الإنسان والشعوب الذي يضمن الحق في الحياة لكافة مواطني الدول الأطراف، موضحا أن اللجنة تتوفر على مجموعة عمل معنية بإلغاء عقوبة الإعدام مهمتها إذكاء الوعي بالعقوبة وبأهمية إلغائها والنظر في المرجعيات الدينية والثقافية ذات الصلة، مبرزا عدم توفر أي دراسة علمية تبرز علاقة انخفاض الجريمة بتطبيق عقوبة الإعدام.
وأبرز السيد سو أن الغاية الأساسية للجنة حاليا تتمثل في الإلغاء الشامل لعقوبة الإعدام بجميع دول الاتحاد الإفريقي، كما تعمل اللجنة على تشجيع تجميد تطبيق العقوبة والترافع من أجل إلغائها كمرحلة أساسية في مسار الإلغاء كما هو الشأن بالنسبة للمغرب. منوها بالمسار الذي راكمه المغرب في طريق الإلغاء، بما في ذلك الترافع المؤسساتي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وأشار السيد شونيل هازان أن العديد من الدول ألغت عقوبة الإعدام، بما فيها دول إسلامية، وأن إفريقيا في طريقها إلى الإلغاء الشامل لهذه العقوبة بعد أوروبا وأمريكا الجنوبية. موضحا أن المغرب ودول شمال إفريقيا وكذا معظم دول إفريقيا الوسطى والجنوبية لم تعرف قط عقوبة الإعدام في تقاليدها وقوانينها العرفية.
مبرزا أن مسار الإلغاء بإفريقيا عرف تطورا كبيرا في السنوات الأخيرة، بالرغم من المرجعيات الثقافية والدينية التي تحول دون تسريع مسار إنهاء التعذيب والإعدام. وأوضح السيد شونيل هازان أن عملية تجميد تنفيذ عقوبة الإعدام، الذي يعتد به في الدول المغاربية، غير عادل وغير مقبول في دولة الحق والقانون، لما يخلفه من تعذيب نفسي وجسدي يومي للمحكومين. متسائلا عن مدى فعالية عقوبة الإعدام في الحد من الجريمة وداعيا إلى تعزيز الترافع من أجل الإلغاء عبر المسار السياسي والثقافي والإعلامي والمدني، إلخ.