عرف رواق المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته 27، المنظمة من 2 إلى 12 يونيو 2022، مناقشة وقراءة كتاب "محمد رويشة وأقوى فترات الموسيقى الأمازيغية" لمؤلفه السيد المكي أكنوز، يوم السبت 11 يونيو 2022.
أشارت السيدة رابحة عقا، صحفية ومحاورة مؤلف الكتاب، أن هذا العمل، الذي انطلق منذ سنة 2003، يشكل عملا أدبيا وفنيا فريدا من خلال اعتماد مؤلفه على الرواية الشفوية والبحث الميداني في تناول الفن الأمازيغي، مضيفة أنه يشكل مرجعا أساسيا للطلبة والباحثين في التراث والفن الأمازيغي الكلاسيكي والأغنية الأمازيغية المعاصرة، وثمرة بحث وتحقيق في مسار الراحل محمد رويشة وفي الموسيقى الأمازيغية، بشكل عام.
كان مؤلف الكتاب يجمع أسطوانات الراحل محمد رويشة وأسطوانات الفنانين الأمازيغ التي تعود أولها لسنة 1927. وعن سياق تأليف الكتاب، أشار السيد أكنوز إلى أن علاقته بالراحل تعود لسبعينيات القرن الماضي، حيث جاءت فكرة إعداد الكتاب أثناء تسجيل أغنية "نوسطالجيا" التي تروي حياة الراحل، ونظرا لعدم كفايتها في الإحاطة بسيرة المرحوم، كانت الرغبة ملحة لدى الراحل في تدوين سيرته، فكلف السيد أكنوز بذلك منذ سنة 2003.
وفي حديثه عن صعوبات التأليف، أشار الكاتب إلى أن جمع سيرة الراحل شكل تحديا كبيرا له بالنظر لحجم علاقات المرحوم بالعديد من الفنانين (بناصر، خويا، حادة أوعكي...)، فكان لزاما عليه تسليط الضوء على هذه العلاقات للوقوف على جوانب أساسية من سيرة الراحل، واصفا إياه بالرجل المنفتح، الحكيم والسريع البديهة. كما أن عملية الانتقال من الشفوي إلى الكتابي ليست عملية هينة، نظرا لندرة المراجع وصعوبة جمع المتن من أفواه الفنانين، مبرزا أن تسجيلات الإذاعة الوطنية شكلت رصيدا أساسيا للتراث الفني الأمازيغي بشكل عام.
وقسم الكاتب المسار الفني للراحل إلى ثلاث مراحل: مرحلة اقتفاء آثار الرواد الذين عرفتهم منطقة الأطلس المتوسط والنهل من مدارسهم (بليزيد، بوزكري عمران، صالح، مولاي بوشتى..)، ومرحلة صياغة أعمال الرواد بلمسته الخاصة ثم مرحلة التطريز والتجديد التي تندرج ضمنها أغنية "إناس إناس"، مضيفا أنه كان مبدعا حقيقيا أفنى عمره في البحث والتجديد معتمدا على الجانب التقني كغاية والجانب الروحي كوسيلة، عكس الرواد الآخرين الذي ينحدرون من خارج منطقة خنيفرة الذين يعتمدون على الجوانب الروحية أكثر منها على التقنية.
كما تناول الكاتب مجموعة من المستملحات التي تأصل لحياة الراحل وتبرز جوانب من فنه الفريد كمدرسة ينهل منها العديد من الفنانين المعاصرين بالأطلس المتوسط، مضيفا أن وفاته تشكل خسارة وطنية ودولية في المجال الفني نظرا لما وصلت إليه أغانيه من العالمية إلى جانب أغنية ادير (أفا إنوفا)، حيث يتميز رويشة بإيقاعاته القوية وعزفه الإبداعي وصوته الشجي، مبرزا قوة علاقته بآلته الموسيقية (لوتار)، فكانت انطلاقته الحقيقية على المستوى الوطني بمسرح محمد الخامس أنتج على إثرها أغنية متجددة بعنوان "إناس إناس".
وفي كلمات تفاعلية لبعض أصدقاء الكاتب، تناول السيد إبراهيم ازداي، أستاذ وباحث ومقدم للكتاب، المنهجية التي اعتمدها المؤلف في تناول الموسيقى الأمازيغية وحياة محمد رويشة من خلال المتن الذي جمعه، مشيرا إلى أن المؤلف تبنى مقاربة مبنية على إحياء التاريخ عبر التراث الشفوي للأطلس المتوسط عبر مقاربة تقوم على تتبع المسار الفني للمغني الراحل محمد رويشة، من خلال تحليل الأرشيف والبيانات المدعمة بالمراجع الشفوية والمكتوبة وكذلك شهادات من أقارب وأصدقاء الشعراء والمغنيين الذين عاشوا في منطقة الأطلس المتوسط.
فيما تناول السيد ادريس الكايسي، صحفي وباحث، نبذة عن حياة الراحل محمد رويشة، الذي ازداد سنة 1950 وتوفي سنة 2012، مقدما تفاصيل عن طفولته واهتماماته الفنية (السينما، الموسيقى، الشعر..)، وكذا محطات مساره الفني والمدارس التي كان ينهل منها، لاسيما مدرسة حمو اليزيد.