نوه السيد محمد ليديدي، كاتب عام مؤسسة الوسيط، بالعلاقة الوطيدة التي جمعت المندوبية العامة لإدارة السجون بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وبعده المجلس الوطني لحقوق الإنسان في مجال حماية حقوق السجناء، وهي علاقة طبعها التفاعل والتجاوب وساهمت في تحقيق التطور الذي عرفه مسار أنسنة السجون وحفظ كرامة السجناء.
وأضاف السيد ليديدي، في هذا اللقاء الذي تمحور حول "المجلس الوطني لحقوق الإنسان ووضعية السجون، من الحماية إلى الوقاية"، أن تدبير السجون يأتي وفق منظور أمني وآخر اجتماعي حيث أن فلسفة العقوبة لا تتجلى في التهميش أو الإيداع فقط في السجن، بل العمل على التهييئ لنجاح فشلت فيه المدرسة والأسرة والمجتمع ككل، فتدبير السجون هو في الحقيقة تدبير لشؤون الإنسان بكل أبعاده وليس تدبيرا لأرقام فقط.
من جهته قدم النقيب مصطفى الريسوني، عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، سردا تاريخيا لتطور عمل الحماية في مجال السجون الذي اضطلع به المجلس منذ تأسيسه، مؤكدا أن المجلس قد عمل جاهدا من أجل أنسنة السجون وإصلاح القوانين ذات الصلة. مضيفا في هذا السياق، أن المجلس الاستشاري أحدث كأول خطوة فريقا للعمل مكلفا بالسجون قدم العديد من المقترحات الرامية إلى تحسين ظروف السجناء وحفظ كرامتهم، فضلا عن العدد الكبير للزيارات التي كان يقوم بها.
لقد عرف عمل المجلس في مجال السجون تطورا مهما، يضيف، انكب من خلاله المجلس على تطوير برامج خاصة بالتكوين في مجال حقوق الإنسان لفائدة موظفي السجون لتقريبهم من فلسفة حقوق الإنسان، بصفة عامة، والقضايا ذات الصلة بحقوق السجين، بصفة خاصة. ذلك أن إطار الشراكة الذي جمع، وما يزال، المجلس بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج هو ما سهل وساهم في تحقيق مواكبة عالية المستوى من طرف المجلس، منوها بمستوى العمل المشترك بين الطرفين الذي، حسب وصفه، "قل نظيره في عدد كبير من الدول".
مر الانتقال إلى مستوى الوقاية من التعذيب بمسار طويل انطلق منذ انضمام المغرب إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، ثم البرتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب الذي ينص على إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، علما أنه توجد اللجنة الفرعية لمنع التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة التابعة للأمم المتحدة، التي لها بدورها ولاية وقائية ترتكز على نهج استباقي لمنع التعذيب وسوء المعاملة.
وفيما يخص أشكال هيكلة الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، فقد أكد السيد محمد بنعجيبة، منسق الآلية الوطنية، أن هناك أربعة سيناريوهات لإحداثها عبر العالم. فمن بين 71 دولة تتوفر على آلية الوقاية من التعذيب من بين 90 دولة طرف في البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب نجد:
- هياكل قائمة: المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان/مؤسسة الوسيط (59 %)
- هياكل محدثة: متخصصة في مجال الوقاية من التعذيب وسوء المعاملة (23 %)
- هياكل مختلطة: تضم المؤسسات الوطنية والمجتمع المدني (%8)
- هياكل متعددة: مبنية على أساس النمط الفيدرالي أو اللامركزي (%10)
وبهذه المناسبة، سلط السيد بنعجيبة الضوء على ثلاثة تواريخ مهمة تتعلق بإحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب في المغرب، والتي اختار أن تحتضنها المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بناء على القانون 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان:
- نونبر 2014: انضمام المغرب إلى البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، حيث أصبح المغرب الدولة رقم 76 التي انظمت إلى البروتوكول الاختياري ورابع دولة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
- فبراير 2018: إحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بموجب قانون 76.15 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
- شتنبر 2019: التنصيب الرسمي للآلية الوطنية للوقاية من التعذيب بمناسبة انعقاد الدورة العادية الأولى للجمعية العامة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان.
جدير بالتذكير أن الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب تختص بدراسة واقع معاملة الأشخاص المحرومين من حريتهم من خلال القيام بزيارات لمختلف الأماكن التي يوجد فيها أشخاص محرومون من حريتهم، وتعزيز حمايتهم من التعذيب ومن ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، فضلا عن إعداد كل توصية من شأن العمل بها تحسين معاملة وأوضاع الأشخاص المحرومين من حريتهم والوقاية من التعذيب، وتقديم كل مقترح أو ملاحظة بشأن التشريعات الجاري بها العمل أو مشاريع أو مقترحات القوانين ذات الصلة.
وتتكون الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، التي يحتضنها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، من السيد محمد بنعجيبة، منسق الآلية، والنقيب مصطفى الريسوني، المقرر، والسيدة عائشة الناصيري، عضو بالآلية.