المشاركون ينبهون أن المعطيات الشخصية تزن ذهبا حاليا وقد تباع وتشترى في الأسواق السوداء
هل الأنترنيت فرصة للبشرية أم تهديد لها؟ هل نتحكم في الثورة الرقمية أم هي من يتحكم فينا؟ هل نحن مستعدون للثورة الرقمية؟ هل التدابير التشريعية وحدها قادرة على مواجهة تحديات العالم الرقمي والمتربصين به؟ هل نحن قادرون على استيعاب الثورة الرقمية وتحمل تبعاتها؟...
كانت تلك بعضا من الأسئلة الحارقة التي طرحها المشاركون في لقاء "حماية البيانات على الأنترنيت وتحديات الشبكات والمنصات الاجتماعية" الذي نظمه المجلس عشية يومه الجمعة 07 فبراير 2020 برواقه بالمعرض الدولي للنشر والكتاب، بمشاركة أعضاء المركز المغربي للأبحاث متعددة التقنيات والابتكار، حيث انكبوا على مقاربة الموضوع من زواياه القيمية، التقنية، والتشريعية، الخ.
يأتي تنظيم هذا اللقاء وعيا من المجلس بأهمية هذا الموضوع ومدى ارتباطه بانتهاك عدد من الحقوق ذات الصلة، من جهة، واحتفالا باليوم العالمي للأنترنيت الآمن، الذي يصادف 11 فبراير 2020، من جهة أخرى، حيث يشكل فرصة من أجل تذكير الجميع بمخاطر الأنترنيت والسلوكيات التي يجب اتباعها لبلوغ الممارسات الآمنة والفضلى على هذه المنصة العالمية.
أرقام ومعطيات تفوق التصور تلك التي أماط عنها المشاركون اللثام وهم المختصون في دراسة الموضوع. أكدوا أنه خلال 60 ثانية فقط: يتم تسجيل مليون بحث على محرك جوجل، 41.6 مليون رسالة متبادلة على واتساب، 4.5 مليون مشاهدة فيديو على اليوتوب، إحداث 2,1 مليون سناب، الولوج إلى 1 مليون حساب فيسبوك، فضلا عن توفر 51 مليار وحدة متصلة عبر العالم دون شروط حماية، الخ.
أرقام ضخمة تدق ناقوس الخطر وتساءل المجتمعات عن مدى استعدادها وجاهزيتها لمواجهة التحديات والظواهر التي تفرزها هذه الوتيرة المتصاعدة لتوغل وسائل التواصل الاجتماعي في حياتنا الخاصة وكذا إلى أي حد نحن كأفراد ومجتمعات قادرون على التحكم في أنفسنا في خضم هذه الثورة الجنونية واستخدامها بشكل عقلاني دون غلو، وإلى أي مدى نحن محصنون من سوء استخدام ما نتبادله على هذه المنصات من بيانات شخصية، خاصة وأنها مسجلة لا تمحى بصفة نهائية، حيث يتم تجميعها في أحيان كثيرة لأغراض تجارية أو كيدية.
بالفعل، يؤكد المشاركون، فالمعطيات التي نتبادلها على الأنترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي تستغل من طرف شركات قد تقدم، ظاهريا، خدمات مجانية بينما في الواقع تقوم بتجميع المعطيات، تصنيفها، دراستها ثم المتاجرة فيها فهذه المعطيات بحق هي بمثابة "بترول القرن الواحد والعشرين". فكل خدمة مجانية على الأنترنيت من تطبيقات وما إلى ذلك يجب أن تستوقفنا لأنها ليست بريئة، بل وراءها نية مبيتة تتصيد البيانات خلسة لغاية تسجيل السلوك ودراسة الشخصيات وتصويب ما تهتم به من مفضلات تصلك على شكل إشهارات تهمك، أو لأغراض التجسس أو الابتزاز أو ما إلى ذلك.
وفي الأخير، أكد المشاركون أننا لسنا في منأى عن الوقوع ضحية استغلال معطياتنا الشخصية الموضوعة في شتى المنصات المتوفرة على أنترنيت، بيد أنه يمكن تضييق هامش هذا الخطر والتقليص منه، خاصة وأن حماية المعطيات الشخصية مسؤولية تقع، من جهة، على الأشخاص، اللذين يتعين عليهم التحقق ورفع اليقظة والرقابة الذاتية حول ما يتيحونه من معطيات، في أحيان كثيرة دون مبرر، وبالتالي تعريضها لشتى أنواع الاستغلال المحتملة، ومسؤولية الدولة، من جهة أخرى، حيث يتعين عليها تضييق هامش الخطر من خلال خلق وتجويد القوانين ذات الصلة القادرة على مواكبة ومسايرة التطورات التي يمكن وصفها بالمكوكية التي يعرفها المجال الرقمي وخلق المؤسسات التي توعي وتطوق هذه الممارسات، باعتبار أن الجانب التشريعي وحده دون تحسيس غير كاف للحد من التجاوزات التي يعرفها المجال.