كشف المجلس الوطني لحقوق الإنسان في تقريره عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب برسم سنة 2021، أن عدد المحكوم عليهم بالإعدام في المغرب بلغ إلى حدود نهاية سنة 2021 ما مجموعه 78 شخصا، بينهم سيدتان، إحداهما صدر في حقها حكم نهائي والأخرى مازال ملفها في مرحلة النقض، ولم يستفد أي محكوم بالإعدام من العفو الملكي، فيما يواصل المجلس رصد مدى احترام الحق في الحياة وعدم المساس به بأي شكل أو تحت أي ذريعة، خاصة من خلال تتبعه لحالات المحكومين بالإعدام.
عقوبة الإعدام: انتهاك جسيم للحق في الحياة وعقوبة غير رادعة وغير فعالة
وجاء في تقرير المجلس أن عقوبة الإعدام تبقى انتهاكا جسيما للحق في الحياة، والذي يعد حقا أصيلا وساميا ومطلقا وبدونه لا وجود لأية حرية أو عدالة، مسجلا استمرار العمل بعقوبة الإعدام من الناحية القانونية، رغم التأصيل الدستوري للحق في الحياة وعدم المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص.
وذكر المجلس بهذا الخصوص بمضامين مذكرته المقدمة إلى البرلمان بخصوص مشروع القانون رقم 16.10 القاضي بتغير وتتميم مجموعة القانون الجنائي بتاريخ 28 أكتوبر 2019، التي أوصى فيها بإلغاء عقوبة الإعدام، معتبرا أن هذه العقوبة غير فعالة في الحد من الجرائم، مهما كانت بشاعتها، وأنها غير رادعة وغير فعالة وضارة بالمجتمع، ولن تحل مشاكل الجرمية بأي حال من الأحوال. واعتبر المجلس أن الولاية التشريعية بعد انتخابات 8 شتنبر 2021 من شأنها أن تشكل فرصة سانحة من أجل القطع مع التردد التشريعي في إلغاء عقوبة الإعدام من كافة مقتضيات مشروع القانون الجنائي.
ترافع وعمل مستمر من أجل الإلغاء
واصل المجلس ولجانه الجهوية الترافع من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في القانون والممارسة، انسجاما مع المكتسبات التي راكمتها المملكة المغربية في المسار الذي نهجته، خاصة وقف تنفيذ عقوبة الإعدام منذ ثلاثة عقود تقريبا، علاوة على التأصيل الدستوري للحق في الحياة (الفصل 20) وعدم المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص (الفصل 22).
وفي إطار ترافعه الوطني لإلغاء عقوبة الإعدام، نظم المجلس بشراكة مع الجمعيات والمنظمات غير الحكومية وشبكات المحامين والصحفيين والمدرسين والبرلمانيين وشبكات المجتمع المدني المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام عدة أنشطة حول الموضوع (ندوات صحفية، دورات تدريبية، ورشات تشكيلية، مسابقة "ارسم الإلغاء"، معرض فني للأطفال والشباب، إلخ). أما على المستوى الدولي، قدم المجلس تصريحا شفويا أمام الدورة 46 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حيث أكد على موقف المجلس الثابت القاضي بإلغاء عقوبة الإعدام.
هذا ويعمل المجلس ولجانه الجهوية على ضمان تتبع وحماية حقوق الأشخاص المحكوم عليهم بعقوبة الإعدام، بما في ذلك ضمان المتابعة والزيارات المنتظمة لهم (زيارة 9 محكومين بالإعدام)، ومراقبة أوضاعهم الصحية، خاصة وضعية المصابين بأمراض مزمنة وأمراض نفسية وعقلية، ومواكبتهم خلال مرحلة التقاضي، ودعم الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام والموجودين في وضعية هشاشة، إلى جانب العمل على تنشيط وإغناء النقاش الوطني حول هذه القضية وتقديم الدعم للمنظمات غير الحكومية وشبكات المحامين والصحفيين والأساتذة والبرلمانيين وشبكات المجتمع المدني المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام.
أهم توصيات المجلس بخصوص عقوبة الإعدام:
- إلغاء عقوبة الإعدام قانونا وممارسة؛
- المصادقة على البرتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام؛
- التصويت لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة القاضي بوقف العمل بعقوبة الإعدام المزمع إصداره خلال الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر سنة 2022؛
- تسريع تنفيذ الالتزام الحكومي بتحيين خطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان بما يضمن متابعة الحوار الوطني حول عقوبة الإعدام؛
- التنصيص القانوني على إلزامية إخضاع المتهم بارتكاب جرائم خطيرة تصل عقوبتها للإعدام للخبرة الطبية.