في إطار مواصلة نقاشه حول موضوع الاتجار بالبشر، نظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يوم الخميس 24 فبراير 2022، من خلال برنامجه الشهري خميس الحماية، ندوة عن بُعد حول: "ضحايا الاتجار بالبشر... حدود التكفل"، انكب المشاركون خلالها على تقديم قراءة للقانون 27.14 وتسليط الضوء على دور المجتمع المدني في مجال التكفل بضحايا الاتجار بالبشر ثم استعراض النماذج الدولية الرائدة في المجال.
وفي قراءتها للقانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار في البشر، أكدت السيدة نزهة بلقشلة، رئيسة الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب بمراكش، أن القانون ركز على الجانب العقابي والزجري دون المعالجة الملائمة والناجعة للجانب الحمائي بالنسبة للضحايا والشهود، فضلا عن عدم تنصيص القانون على خلق "آلية إحالة وطنية" يكون لها امتداد ترابي لتحديد ضحايا الاتجار بالبشر وتوجيههم ودعمهم، الخ.
وعلى المستوى الدولي، استعرضت السيدة بلقشلة بعض مواد بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، الذي يحدد في مادته 2 الغرض من البروتوكول المتمثل في "حماية ضحايا الاتجار بالأشخاص ومساعدتهم مع احترام كامل لحقوقهم" والمادة 6 التي تحدد مجموعة من الإجراءات لحماية الضحايا، أهمها: تنفيذ تدابير تتيح التعافي الجسدي والنفسي والاجتماعي للضحايا، من خلال توفير السكن اللائق وتقديم المشورة والمعلومات بلغة يفهمها الضحايا بالإضافة إلى المساعدة الطبية والنفسية والمادية وتوفير فرص العمل والتعليم.
وبخصوص الإحصائيات الدولية ذات الصلة، فقد أشارت السيدة سارة بنتفريت، ممثلة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة المنظمة بالمغرب، إلى أنه على مستوى القارة الإفريقية 33% من الضحايا نساء و36% رجال فيما نسبة القاصرين الذكور تصل إلى 117% والإناث 14%. وبخصوص نوعية الضحايا، تشير الإحصائيات إلى أن الاستغلال الجنسي والعمل القسري يشكلان تقريبا 30% من الحالات والتسول 29% وضحايا تجارة الأعضاء البشرية 1% و2% يتم استغلالهم في الأعمال الإجرامية، مشيرة إلى احتمال وجود أشكال أخرى للاتجار بالبشر لم ترد لا في القانون الوطني ولا في البروتوكول.
وفي نفس السياق، أشارت المتدخلة إلى أن اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، التي أنشئت سنة 2019، أصدرت أول تقرير لها حول الاتجار بالبشر في 15 فبراير 2022، ومن أهم ما جاء فيه أن مجموع الضحايا الذين تم تصنيفهم بموجب حكم قضائي منذ سنة 2017 بلغ 717 ضحية، معلنة قرب إنشاء مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة المنظمة بالمغرب لشبكة وطنية من الجمعيات ستكون معتمدة من طرف اللجنة الوطنية، مما سيمكن الجمعيات المحلية من الاشتغال والتعاون بسلاسة مع كل القطاعات المعنية والمتدخلين، من نيابة عامة وشرطة ودرك ملكي، في انتظار إحداث آلية الإحالة الوطنية.
وفي إطار استعراض تجارب المجتمع المدني في هذا المجال، قدم السيد طارق أوفقير، رئيس "جمعية مغرب التضامن الطبي الاجتماعي" بوجدة، تجربة جمعيته مستعرضا مراحل التكفل بالضحايا والتي تبدأ بمرحلة رصد الضحايا المحتملين من خلال بعض المؤشرات كالمرض أو آثار التعذيب وغيرهما... كما أشار المتدخل إلى أن الجمعية وضعت، بتنسيق مع جمعيات أخرى، خلايا للاستماع بالمراكز الصحية تمكن من توفير الدعم النفسي، مما يمكن من تحديد ضحايا الاتجار بالبشر المحتملين.
وسجل السيد أوفقير وجود عدة إكراهات تتعلق بالتكفل بالضحايا مثل قلة مراكز الإيواء المخصصة للضحايا، عدم إحاطة الضحايا بحقوقهم القانونية، خاصة المهاجرين في وضعية غير قانونية، مشيرا إلى أن أغلب الضحايا في صفوف المهاجرين هم من النساء والقاصرين.
جدير بالذكر أن المغرب صادق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة سنة 2002، وصادق على البروتوكول المكمل لها سنة 2009، كما أصدر القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر سنة 2016، وأنشأ اللجنة الوطنية لتنسيق الإجراءات المتعلقة بمكافحة الاتجار بالبشر في 2018 والتي يعتبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان عضوا فيها.