"بحضوركم ومشاركتكم، تمكن أطفال المملكة المغربية في الجهات الاثنتى عشرة من بناء تجربة فضلى في إعمال مبدأ مشاركة الطفل وإبراز تجربة رائدة في إفريقيا والعالم. تجربة رائدة أنتم صنعتموها وعليكم تطويرها وحمايتها، أطفال فاعلون في الشأن العام وأطفال يريدون أن يعيشوا طفولتهم بسلم وأمان وأن يناهضوا الحروب وكل أشكال العنف والكراهية".
بهذه الكلمات أعلنت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيدة آمنة بوعياش، بمدينة السمارة عن اختتام الاستشارات الجهوية مع الأطفال، يوم السبت 24 فبراير 2024 في محطتها الثانية عشرة بجهة العيون-الساقية الحمراء، والتي كانت قد أعطت انطلاقتها مطلع شهر فبراير 2023 بكلميم، في أفق مأسسة مبدأ المشاركة للأطفال.
وأبرزت السيدة بوعياش، خلال الجلسة الافتتاحية لهذه الاستشارة، التي عرفت مشاركة السلطات المحلية ورئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة العيون-الساقية الحمراء، ومنسق آلية التظلم الخاصة بالأطفال، إلى أن اختيار مدينة السمارة لاختتام هذه الاستشارات الجهوية مع الأطفال يعود لكون السمارة مدينة العلم والصمود ولأن "تاريخها ارتبط بمقاومتها لحماية هويتها الثقافية والدفاع عن الوحدة الترابية...صمدت وهي تعيش تجارب إنسانية تاريخية عسيرة قبل أن ترجع إلى أحضان الوطن سنة 1976".
وعن الغاية من هذه الاستشارات مع الأطفال، أوضحت السيدة بوعياش أن الهدف الاستراتيجي للمجلس هو مأسسة مبدأ مشاركة الأطفال، أي التنصيص عليه قانونا، وإعداد تقرير سيقوم بصياغته الأطفال بعد الاستشارة الوطنية خلال الأسابيع المقبلة، ليقدم نهاية 2024 للجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل بجنيف، التي تقوم بتتبع وتقييم مدى إعمال الدول لاتفاقية حقوق الطفل على المستويات الوطنية. مسجلة أن هذه الاستشارات تعد ممارسة فضلى هي الأولى على المستويين الإفريقي والعربي.
وأشادت رئيسة المجلس بمستوى الاستشارات السابقة "التي عكست اهتمام الأطفال ونضجهم وقدرتهم على تقييم السياسات العمومية الموجهة إليهم، ومناقشة القوانين المتعلقة بحقوقهم الأساسية، وبلورة توصيات إجرائية، عملية ومهمة". وبهذه المناسبة ثمنت السيدة بوعياش عمل كل المؤطرات والمؤطرين والمربيات والمربين وكل العاملين الاجتماعيين الذين رافقوا المجلس طيلة هذه الاستشارات الجهوية مع الأطفال.
وشددت السيدة بوعياش على أن هذه المبادرة تعد فرصة للتفاعل المباشر مع الأطفال حول مواضيع تهمهم وكيف يرون ضمان حقوقهم من خلالها، وأعطت كمثال موضوع "تزويج الطفلات"، الذي ينظر إليه المجلس في إطار مقاربة شمولية، ويربطه بالحق في الحماية، وفق مقتضيات المادة 19 من اتفاقية حقوق الطفل، كما يربطه بمبدأ المشاركة الذي تنص عليه المادة 12 من نفس الاتفاقية، أي أن "الطفل هو شريك وفاعل أساسي في صياغة المنظومة الحمائية الوطنية وليس مجرد مستفيد من خدماتها كما نعتقد أحيانا".
وأضافت أن نفس المادة تلزم الدول الأطراف في الاتفاقية بالاستماع إلى الأطفال وأخذ آرائهم خلال بلورة وإنجاز وتقييم السياسات العمومية وخلال إعداد التشريعات الوطنية. وخلصت إلى أنه بخصوص موضوع تزويج الطفلات كما في مواضيع أخرى، فالأكيد أن للأطفال ما يمكن أن يفيد المجلس في تطوير عناصر ترافعه لإلغاء تزويج الطفلات.
وتميزت هذه الاستشارة بجلسة تفاعلية بين الأطفال ورئيسة المجلس حول مدونة الأسرة وآخر تطورات مشروع تعديلها. كما قدم السيد عبد الكريم الأعزاني لآلية التظلم الخاصة بالأطفال والمهام المنوطة بها. وقد حظي هذا التقديم بتفاعل الأطفال المشاركين، والذين تجاوز عددهم 30 طفلا يمثلون جميع الفئات المستهدفة بمن فيهم الأطفال في وضعية صعبة، الأطفال في وضعية إعاقة والأطفال الأجانب، كما يمثلون مختلف أقاليم الجهة.
وقد تخلل هذا اللقاء التشاوري ثلاث ورشات تتعلق بالسياسات العمومية (الصحة والتعليم والعدالة..)، والحماية والتدابير الوقائية، ثم الولوج إلى المعلومة والمشاركة. كما سبق هذه الاستشارة الجهوية مع أطفال جهة العيون-الساقية الحمراء لقاء تحضيري لفائدة المؤطرين المكلفين بتنشيط الورشات، بهدف تعريفهم بالمبادئ والأدوات والمنهجية اللازمة لتسيير هذا اللقاء.
واختتمت هذه الاستشارة الجهوية بتنظيم حفل ختامي بمبادرة من أطفال الجهة قدموا خلاله لوحات فنية مرتبطة بمواضيع تتعلق بحقوق الطفل تلاه فقرة إطلاق بالونات الحرية من مدينة السمارة.