يمكن إعادة مشاهدة اللقاء على الرابط: (https://urlz.fr/f23K)
مساهمة منه في إثراء النقاش العمومي وإذكاء الوعي حول أدوار منظمات المجتمع المدني ببلادنا، نظم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يوم الجمعة 26 فبراير 2021، ندوة عن بُعد تحت عنوان "دور السلطة القضائية في حماية الجمعيات"، تناول المشاركون خلالها مجموعة من المحاور همت أساسا "تأسيس الجمعيات بين القضاء والإدارة"، "دور النيابة العامة في مسار الحياة الجمعوية"، "دور القضاء في المنازعات بين الأفراد والإدارة"، و"الحماية القضائية والقانونية: حدود الممارسة".
وبهذه المناسبة، ذكر الدكتور أنس سعدون، عضو المرصد الوطني لاستقلال السلطة القضائية، بالتعقيدات التي كانت تعرفها مسألة تأسيس الجمعيات ودعا إلى ضرورة ملاءمة قانون الجمعيات مع مقتضيات دستور 2011 ومع المعايير الدولية ذات الصلة، مؤكدا أن "الأصل هو حرية تأسيس الجمعيات وحرية العمل الجمعوي وأن المنع والتقييد ينبغي ألا يخرج عن دائرة الاستثناء وأن يكون مقيدا وجودا وعدما بالشرعية والضرورة والتناسب".
ومن جانبه، سلط القاضي عبد الله بورجي الضوء على "دور القضاء في المنازعات بين الجمعيات والإدارة"، حيث قدم قراءة في مجموعة من الأحكام التي انتصرت لحق المواطنين في تأسيس الجمعيات ودعا إلى حل تشريعي يحدد بدقة بعض المفاهيم المبهمة، وإلى تعزيز تكوين القضاة في مجال إعمال الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب والمواثيق الدولية ذات الصلة.
وبصفته فاعلا جمعويا ومحاميا، أكد الأستاذ محمد بن الشيخ في محور "الحماية القضائية والقانونية في الممارسة"، أن المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان تعتبر أن النصوص التشريعية المتعلقة بحرية تأسيس الجمعيات وطرق تطبيقها من طرف السلطات العمومية من بين المؤشرات والعناصر الأساسية لمعرفة حالة الديمقراطية في بلد ما. كما طرح بعض الإشكالات العملية التي تواجهها بعض الجمعيات التي لم تتمكن من الحصول على الوصل النهائي، كالحصول على الدعم أو فتح حساب بنكي أو كراء المقر... واعتبر حرمان الجمعيات من الوصل النهائي بمثابة "إعدام لها" ومعيق لنشاطها، الخ.
وبخصوص تفاعل القضاء مع الإشكالات التي ترتبط بحرية تأسيس الجمعيات وبحريتها في ممارسة أنشطتها، أكد الدكتور البوز إلى أن "القضاء المغربي انتصر في معظم القضايا لحرية تأسيس الجمعيات وحريتها في ممارسة أنشطتها، وعمل على تصحيح سلوك الإدارة، وأقر بأن السلطة المحلية لا تملك إلا حق المراقبة البعدية عن طريق عرض أي مقتضى تراه مخالفا على الجهة القضائية المختصة"، لكنه سجل ما أسماه "انحرافات بعض الاجتهادات القضائية التي قضت بأن رفض التمكين من الوصل النهائي لا يقبل الطعن لانعدام المصلحة لسيرورة الجمعية بالتصريح بمرور شهرين على عدم تسليمه".
جدير بالتذكير أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان قد أوصى في تقريره السنوي عن حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة 2019 بتشجيع الجمعيات على الولوج إلى القضاء الإداري كآلية للانتصاف في المنازعات بين السلطات الإدارية والجمعيات، وذلك بالعمل على تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية الصادرة لصالح الجمعيات، فضلا عن تشجيع الحوار بين السلطات العمومية والجمعيات لتجاوز المعيقات والإكراهات التي تحول دون ممارسة الجمعيات لأدوارها.
ومن جهة أخرى، أوصى المجلس بمراجعة المقتضيات القانونية المتعلقة بمسطرة التأسيس والتجديد، والتمويل، ...بما يضمن ممارسة حرية الجمعيات وفقا للدستور والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ومراجعة المقتضيات القانونية المتعلقة بالجمعيات وذلك باستبدال العقوبات السالبة للحرية بالغرامات، الخ.