احتفاء باليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، يبادر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ابتداء من 10 أكتوبر 2022، بنشر شهادات لعدد من المحكومين بعقوبة الإعدام، بهدف إطلاع الرأي العام على أوضاع هذه الفئة وملامسة بعض القضايا والإشكالات التي تطرحها هذه العقوبة القاتلة من الناحية الحقوقية والإنسانية، وذلك بإعطاء الكلمة للذين يترقبون الموت على أمل أن يتم الحفاظ على حياتهم. وفيما يلي الشهادة السابعة التي يقدمها المجلس في إطار سلسلة الشهادات المعروضة.
السيد ح.ي من مواليد سنة 1981، مغربي الجنسية، متزوج، تابع تعليمه إلى غاية المستوى الإعدادي ومهنته بائع متجول. تم اعتقاله في تاريخ 24. 5 .2003، حيث وجهت له تهم تكوين عصابة إجرامية والمس بسلامة الدولة الداخلية بارتكاب اعتداءات الغرض منها إحداث التخريب والقتل في أكثر من منطقة والمشاركة في القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والمشاركة في الإيذاء العمدي المؤدي إلى عاهات مستديمة. وقد تمت مؤاخذته من أجل جميع التهم المنسوبة إليه. وبناء على ذلك، أصدرت المحكمة في حقه عقوبة الإعدام بتاريخ 19. 8. 2003.
لم أقتل ولم أتورط في أي شيء... كنت فقط أتبع توجها فكريا معينا
دائما أسأل نفسي عن سبب إدانتي بالإعدام. فأنا لم أقتل ولم أتورط في أي شيء، كنت فقط أتبع توجها فكريا معينا. لم تكن لدي أي نية للقيام بأي عمل إرهابي في بلدي. لا أنكر أنني أخطأت، غير أنني قمت بعدة مراجعات مؤخرا، ومع ذلك فحكم الإعدام الصادر في حقي لم يتغير..
كانت حياتي عادية، أمتهن تجارة الأحذية الجاهزة في قيسارية الحي المحمدي. كنت متزوجا وكان لي ولد مات قبل دخولي السجن وابنة تركتها وعمرها ثلاثة أشهر.
انخرطت في برنامج مصالحة وسبق أن قدمت طلب العفو لكن دون أن أتلقى أي جواب. في بادئ الأمر استدعتني إدارة السجن وأخبرتني أنه يتعين علي كتابة طلب العفو، فأجبتهم بأنني سأوافق على ذلك بشرط تحرير الطلب بصيغتي. فأنا مسجون بسبب فكر آمنت به وليس بسبب مشاركتي في تفجيرات 16 ماي. وقد رفضت الإدارة هذا الشرط، ومنذ ذلك الحين، توقفت عن تقديم الطلب واستأنفت ذلك خلال الأربع سنوات الأخيرة حيث كتبت الطلب عدة مرات، غير أنني لا أعرف سبب الإبقاء على حكم الإعدام الصادر في حقي.
أتمنى أن يحظى ملفي بالاهتمام، فقد قمت بعدة مراجعات ومقابلات مع المسؤولين...سبعة عشر سنة من السجن، فترة تعادل عمر ابنتي. أريدكم أن تطلبوا إعادة النظر في ملفي فأنا لا أستحق الإعدام.
في البداية، كانت ابنتي التي ولدت بعد اعتقالي تأتي لزيارتي، لكن مع مرور الوقت ومع توالي الإفراج عن أبناء الحي، تأثرت عائلتي جدا من جراء ذلك، خصوصا ابنتي التي يئست، في حين لا تستطيع زوجتي زيارتي لأنها مريضة بالصرع بسبب تراكم الصدمات التي تعرضت لها. فأنا مسجون فقط بسبب فكر آمنت به.
فيما يخص ظروف محاكمتي، فقد تم تعيين محام للنيابة عني، أنا لا أتذكر اسمه غير أنه زارني في اليوم الأول وأخبرني بأنه تم توكيله من طرف المحكمة، وقد كان جادا في التعامل مع ملفي من خلال مرافعاته وتدخلاته أمام هيئة المحكمة حيث كان يطالب القاضي بالبراءة وليس ظروف التخفيف أو غيرها. خلال محاكمتي، لم تكن هناك مواجهة مع باقي المتهمين، مع أنني طلبتها. فأنا لم أقابل قاضي التحقيق إلا مرتين.
ليس لي تجربة سابقة في السجن ولم يسبق أن تعرضت للاعتقال قبل ذلك.
هناك أمل في الحل لكن هذا الأمل هو ما يزيدني تعاسة لأن ملفي لا يشهد تطورا
كانت الأسابيع والشهور الأولى من اعتقالي صعبة. لم يكن بإمكاني الخروج من زنزانتي ولم يسمح لعائلتي بالزيارة، حيث لم أر عائلتي طيلة ثلاثة أشهر إلى حين صدور حكم الإعدام بحقي.
بعد قضائي سبعة عشر سنة وراء القضبان، هناك أمل في إيجاد حل لملفي، لكنه أمل يزيدني تعاسة لكون الملف لا يعرف تطورا، فكل سنة أخبر عائلتي بأنها ستكون الأخيرة لي في السجن، لكن لا شيء يتغير. الحمد لله علاقتي ظلت طيبة بعائلتي، فرغم أنهم لا يزورونني إلا أنهم يبعثون لي ما يلزمني من مصاريف لتلبية احتياجاتي. عندما تم إخلاء سبيل العديد من المحكومين بسبب هذه الأحداث الإرهابية، ومنهم زوج خالة ابنتي، الذي أدين معي في نفس القضية بعشرين سنة، أصيبت عائلتي بالإحباط.
قامت المندوبية بتصنيف السجناء إلى الصنف "أ" و"ب"، والحمد لله أنا من الصنف "أ". يمكن لمسجوني الصنف "أ" التجول بحرية داخل السجن بينما يمنع على باقي سجناء الصنف "ب" هذا الحق. لا أعرف ما هي المعايير التي يتحدد من خلالها كلا الصنفين... فالإدارة هي وحدها من تقرر. أنا لست ضد الفكرة لكنني ضد مقارنة السجناء المحكومين بعقوبات طويلة الأمد، خصوصا المحكومين في قضايا الإرهاب، بمعتقلين آخرين لهم عقوبات أخف ولفترات أقصر.
لم يشرح لنا أحد شيئا، فلم تكن هناك أي دورة تكوينية أو غيرها، فكانت الزيارة تستمر من ساعة إلى ساعتين حسب الظروف، أما الآن فالمدة التي تستغرقها هي 30 دقيقة، والتساؤل المطروح هنا هو هل وضعي مثل باقي السجناء المدنيين الذين يزورهم أهلهم أسبوعيا بينما أنا لا أراهم إلا موسميا كل ثلاثة أشهر؟ وبسبب هذه الظروف هناك العديد من السجناء يعانون من عدم قدرتهم على قضاء وقت أطول مع أسرهم، فالوقت المخصص للزيارة غير كاف بتاتا.
أنا أشتغل داخل السجن. وبالنسبة للأنشطة، الإدارة هي من تقرر تنظيمها ولا يحق إلا لسجناء الصنف "أ" المشاركة فيها. الحمد لله أنا أتمتع بصحة جيدة وهناك طبيب يحضر بصفة أسبوعية إلى هنا. لكن يبقى أشد ما أعاني منه هو مشكل الزيارة ونقص الفضاءات بالإضافة إلى مطالبي الحقوقية. وفيما يخص القائمين على السجن فالمعاملة عادية مبنية على الاحترام المتبادل.
لحد الآن أنا أتساءل عن سبب إدانتي بحكم الإعدام. أعتقد أنني أستحق أن يفرج عني بعد تراجعي عن أفكاري. ولهذا أتمنى أن تتم إعادة النظر في قضيتي.